(انظر الخروج ١٢/ ٤٨) إن الذين لا يختتنون من نصارى اليوم قد نكثوا عهد الله الأبدي، وتبطلوا عن شرعه وهديه.
أما يخشى هؤلاء المتبطلون عن ناموسه أن تصيبهم لعنة من الله، فإنه " ملعون من لا يقيم كلمات هذا الناموس، ليعمل بها "(التثنية ٢٧/ ٢٦).
ولو تأملنا الحوار الذي جري قبل وأثناء مجمع أورشليم الأول الذي اجتمع فيه التلاميذ للمباحثة حول إسقاط شريعة الختان وغيرها من الشرائع اليهودية، لو تأملنا ذلك لعرفنا بأن إبطال الشرائع الموسوية كان اجتهاداً من المجمع لكسب الأمم إلى المسيحية، ولم يكن بأمر المسيح عليه السلام، فقد بقي قوم من المؤمنين يدعون إلى إقامة هذه الشرائع بعد رفع المسيح بزمن، ولو كان قد بلغهم عنه إبطال الشريعة بدمه لاحتج به بعض المجتمعين في مجمع أورشليم، الذي انعقد بسبب إصرار بعض التلاميذ على التزام الأممين بالشريعة الموسوية "وانحدر قوم من اليهودية، وجعلوا يعلمون الإخوة أنه إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا .. ولكن قام أناس من الذين كانوا قد آمنوا من مذهب الفريسيين وقالوا: إنه ينبغي أن يختنوا ويوصَوا بأن يحفظوا ناموس موسى، فاجتمع الرسل والمشايخ لينظروا في هذا الأمر"(أعمال ١٥/ ١ - ٦).
وهنا وقفة لابد منها، إذ النصارى يزعمون أن شرائع الناموس مرفوعة عنهم، وأنها خاصة ببني إسرائيل، فهذا ما يقوله بولس ومن تابعه في مجمع أورشليم، إنهم بذلك يخالفون المسيح مرة أخرى، حيث يقول في نص التثليث الشهير:" فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن وروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به"(متى ٢٨/ ١٨ - ٢٠)، فلئن كان المسيح أمرهم بتبشير الأمم وتنصيرهم؛ فإنه أمرهم أن ينقلوا إليهم جميع الوصايا التي أوصى بها تلاميذه، جميعها من غير أن يستثني منها وصية واحدة، فبماذا أوصى تلاميذه؟