للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيف يهرب وهو - كما زعموا - تجسد ليصلب!؟

- ومن التنافر في الرواية الإنجيلية أن إنجيل يوحنا يُظهر الحكم على المسيح، وكأنه حكم إلهي نزل على رئيس الكهنة قيافا، وليس حكماً صادراً من مجمع للظّلَمة. يقول يوحنا: " فقال لهم واحد منهم. وهو قيافا كان رئيساً للكهنة في تلك السنة: أنتم لستم تعرفون شيئاً، ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب، ولا نُهلك الأمة كلها، ولم يقل هذا من نفسه، بل إذ كان رئيساً للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة، وليس عن الأمة فقط، بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد " (يوحنا ١١/ ٤٩ - ٥٢).

فالنص يصف قيافا بالنبوة، وبأنه عرف بالنبوة أن المسيح يموت عن الشعب، فكيف يصح هذا؟ وهو الذي حكم ظلماً على المسيح بالموت، كيف وهو أحد الظلمة الذين قال لهم المسيح: " ولكن هذه ساعتكم وسلطان الظلمة " (لوقا ٢٢/ ٥٣).

كيف يأمر نبي بقتل نبي، فلو صحت نبوته لكان حكمه ردة، أو يكون قد حكم على غير المسيح.

وفي محاولة للتبرير قال يوحنا فم الذهب: " إن روح القدس حرك لسان قيافا، لا قلبه، على أن قيافا لم يخط ضد الإيمان، بل ضد العدل والتقوى ". (١)

وما اللسان إلا ترجمان للقلب، وإذا كان روح القدس هو الذي حرك قيافا، فلم كان قيافا خاطئاً ضد العدل والتقوى.

وقد تعارض قيافا في فهمه لعموم الفداء وخصوصه، فهو يفهم أن موت المسيح


(١) انظر: الفارق بين المخلوق والخالق، عبد الرحمن باجي البغدادي، ص (٣٧٩ - ٣٨٣، ٥١٣)، وانظر قاموس الكتاب المقدس، ص (٧٥١).

<<  <   >  >>