لكن يوحنا يذكر ما يفيد أن القصة حصلت في شهور الشتاء، فقد وقف بطرس يوم محاكمة المصلوب، يحتمي من البرد بالنار، يقول يوحنا:" وسمعان بطرس كان واقفاً يصطلي "(يوحنا ١٨/ ٢٥)، فجمع الإنجيليون الصيف والشتاء في يوم واحد.
- ثم إن بطرس - الذي يحتل في المسيحية مكاناً بارزاً، وجعلت الأناجيل بيده مفاتيح السماوات والأرض - أنكر المسيح في تلك الليلة ثلاث مرات، وأضاف إلى الإنكار حَلفاً ولعناً، لم تجرؤ أقلام الإنجيليين على بيان ذاك الذي لعنه بطرس، لكن لا يحتاج القارئ إلى كثير فطنة ليدرك أنه كان يلعن المقبوض عليه، ويبرأ منه ومن معرفته، فهل كان يلعن سيده المسيح أم المصلوب الخائن؟
وهذا الحلف واللعن سقوط لا يتفق مع خصوصية بطرس الذي كان ينبغي أن يكون مثالاً للثبات والقوة، فقد قال له المسيح:" ولكني طلبت من أجلك، لكي لا يفنى إيمانك، وأنت متى رجعت، ثبت إخوانك "(لوقا ٢٢/ ٣٢).
كما أن الحلف منهي عنه عند النصارى، فكيف حلف بطرس، والمسيح قد علمهم:" لا تحلفوا البتة .. ، بل ليكن كلامكم: نعم نعم، لا لا، وما زاد على ذلك فهو شر "(متى ٥/ ٣٤ - ٣٧).
وعليه فبطرس شرير، حلف كاذباً، والتوراة تقول:" .. لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً "(الخروج ٢٠/ ٧)، و " لا تحلف باسمي للكذب، فتدنس اسم إلهك، أنا الرب "(اللاويين ١٩/ ١٢) وخروج بطرس عن هذه الأحكام يجعله ملعوناً " ملعون من لا يقيم كلمات هذا الناموس ليعمل بها"(التثنية ٢٧/ ٢٦).
ولا يمكن أن يصدر هذا الحلف واللعن من بطرس، فلا يمكن أن يهون عليه نبيه ومعلمه إلى هذا الحد، ولو فعل ذلك لما كان مستحقاً لاسم الإيمان، فضلاً عن المعجزات والخصائص المذكورة له في الأناجيل، وعليه فإن بطرس كان صادقاً محقاً في