المسيح وأجابه في سؤله "وأنا علمتُ أنك في كل حين تسمع لي"(يوحنا ١١/ ٤٠).
وهكذا فالمسلمون لا ينفون جملة ما ترويه الأناجيل من وقوع تلك الأحداث التي صاحبت الصلب أو سبقته، كإخبار المسيح تلاميذه عن المؤامرة التي سيتعرض لها، ثم لجوؤه في البستان إلى الله القادر طالباً من الله أن ينجيه من الموت، وكذا فالمسلمون يصدقون بأن الجموع حضرت للقبض عليه، وأن ثمة من أُخذ من ساحة البستان، وأن المأخوذ حوكم، وصلب، ثم دفن.
فالخلاف إنما هو في حقيقة المأخوذ والمصلوب، فيرى المسلمون أنه يهوذا الخائن، وأن لحظة الخلاص هي تلك التي أراد الجند أن يلقوا القبض فيها على المسيح، فسقطوا على الأرض، سقطت الجموع الغفيرة، وتدافع الجند، ووقعت المشاعل من أيديهم، ثم نهضوا ليجدوا دليلهم يهوذا الأسخريوطي وحيداً في الساحة، فأخذوه، وقد ألقى الله عليه شبه المسيح، لينال جزاء خيانته لسيده.
وهذه اللحظة العظيمة الخالدة سجلها يوحنا حين قال:" فأخذ يهوذا الجند وخداماً من عند رؤساء الكهنة والفريسيين، وجاء إلى هناك بمشاعل ومصابيح وسلاح، فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه، وقال لهم: من تطلبون؟ أجابوه: يسوع الناصري، قال لهم يسوع: أنا هو، وكان يهوذا مسلمه أيضاً واقفاً معهم، فلما قال لهم: إني أنا هو، رجعوا إلى الوراء، وسقطوا على الأرض"(يوحنا ١٨/ ٤ - ٦)، فكانت لحظة سقوطهم هي لحظة الخلاص الخالدة التي تاهت عنها عيون الملايين من النصارى ممن ظن أن المأخوذ بعدها هو المسيح.
وأما المسيح فقد نزلت ملائكة الله وصعدت به إلى السماء، " وظهر له ملاك من السماء يقويه"(لوقا ٢٢/ ٤٤) لينجو من المؤامرة بحماية الله العظيم، وأعطي بذلك حياة طويلة تمتد إلى قبيل قيام الساعة حيث ينزل إلى الأرض عليه السلام.