للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النهار أدعو فلا تستجيب، في الليل أدعو فلا هدوّ لي، وأنتَ القدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل، عليك اتكل آباؤنا، اتكلوا فنجيتهم، إليك صرخوا فنجوا، عليك اتكلوا فلم يَخزَوْا.

أما أنا فدودة لا إنسان، عارُُ عند البشر، ومحتقرُ الشعب، كل الذين يرونني يستهزئون بي، يفغرون الشفاه، ويُنغضون الرأس قائلين: اتكل على الرب فلينجه، لينقذه، لأنه سُرّ به.

لأنك أنت جذبتني من البطن، جعلتني مطمئناً على ثديي أمي، عليك ألقيت من الرحم، من بطن أمي، أنت إلهي، لا تتباعد عني لأن الضيق قريب، لأنه لا معين، أحاطت بي ثيران كثيرة، أقوياء باشان اكتنفتني، فغروا علىّ أفواههم، كأسد مفترس مزمجر، كالماء انسكبتُ، انفصلتْ كل عظامي، صار قلبي كالشمع، قد ذاب في وسط أمعائي، يبستْ مثل شَقفَة قوتي، ولصق لساني بحنكي، وإلى تراب الموت تضعني، لأنه قد أحاطت بي كلاب، جماعة من الأشرار اكتنفتني، ثقبوا يدي ورجلي، أُحصى كل عظامي، وهم ينظرون ويتفرسون فّي، يقسمون ثيابي بينهم، وعلى لباسي يقترعون" (المزمور ٢٢/ ١ - ١٨).

ويُجمع النصارى على أن هذا المزمور بنوءة عن المسيح، فقد اقتبس منه كُتّاب الأناجيل في سياق روايات الصلب، يقول متى: " ولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها، لكي يتم ما قيل بالنبي: اقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي ألقوا قرعة " (متى ٢٧/ ٣٥) (١)، ومثله في (يوحنا ١٩/ ٢٤).

والاقتباس من هذا المزمور في قوله: " يقسمون ثيابي بينهم، وعلى لباسي يقترعون ".

كما أن الرواية التي في المزمور توافق رواية الصلب في صراخ المصلوب: " إلهي إلهي لماذا تركتني " (متى ٢٧/ ٤٦)، (مرقس ١٥/ ٣٤).

ويوافق نص المزمور ما جاء في الأناجيل في بيان حال المصلوب " كان المجتازون


(١) قوله: " لكي يتم ما قيل بالنبي: اقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي ألقوا قرعة " حذفته معظم النسخ والتراجم العربية والعالمية، واعتبروه إضافة لاحقة.

<<  <   >  >>