هذه الحقيقة هي تلك التي نطق بها القرآن، واعتقدها المسلمون ... ولمن يريد أن يزيد يقيناً، فها هي المزامير كلها في الكتاب المقدس، الذي يؤمن به المسيحيون، ويتداولونه، وإليها فليرجع، ولن يزيده هذا إلا يقيناً وتقديراً لهذه الحقيقة التي انتهينا إليها .. ".
وإذا أراد القارئ المزيد من اليقين فليقرأ ما جاء في سفر الأمثال: " الأشرار يكونون كفارة لخطايا الأبرار " (الأمثال ٢١/ ١٨)، وليتأمل بمزيد عناية قوله: " بر الكامل يقوم طريقه، أما الشرير فيسقط بشره، بر المستقيمين ينجيهم، وأما الغادرون فيؤخذون بفسادهم، الصديق ينجو من الضيق، ويأتي الشرير مكانه " (الأمثال ١١/ ٥ - ٨).
ولا يفوتنا في خاتمة هذا المبحث أن نذكر أن الاحتجاج بنبوءات المزامير على نجاة المسيح قديم، بل يرجع للمسيح - إن صح ما في إنجيل برنابا -، فقد جاء فيه أن المسيح قال: " إن واحداً منكم سيسلمني، فأباع كالخروف، ولكن ويل له، لأنه سيتم ما قاله داود أبونا عنه، أنه سيسقط في الهوة التي أعدها للآخرين" (برنابا ٢١٣/ ٢٤ - ٢٦).
وإذا قلنا: إن المزامير بشرت بنجاته، فللنصارى أن يقولوا: كيف لم يعرف المسيح ذلك من العهد القديم؛ لم قال عن نفسه بأنه سيصلب كما في الأناجيل؟
والإجابة عن هذا التساؤل لا تلزمنا نحن المسلمين الذين لا نعتد بما جاء في هذه الكتب، إلا ما قام على صدقه وتوثيقه دليل من ديننا.
ثم القصة هي امتحان للمسيح عليه السلام، كما كان الأمر بالذبح امتحاناً لإبراهيم وابنه الوحيد، ولو عرف المسيح نتيجة الامتحان مقدماً لما كان له أي معنى، كما لو عرفها إبراهيم، فلذلك خفيت عليه، وليس لقصور فهمه أو إدراكه، حاشاه، ولكن لتتحقق إرادة الله بامتحانه، ونجاحه في الامتحان.
ثم لا يمكن القطع بأن المسيح لم يعرف المعنى الصحيح الذي تدل عليه النبوءات،