من الضغطة، ومن الدينونة أُخذ، وفي جيله من كان يظن أنه قطع من أرض الأحياء، أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي، وجعل مع الأشرار قبره، ومع غني عند موته، على أنه لم يعمل ظلماً، ولم يكن في فمه غش.
أما الرب فسُر بأن يسحقه بالحزن، أن جعل نفسه ذبيحة إثم، يرى نسلاً تطول أيامه، ومسرة الرب بيده تنحج، من تعب نفسه يرى ويشبع، وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها، لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء، يقسم غنيمة من أجل أنه سكب للموت نفسه، وأحصي مع أثمةٍ، وهو حمل خطية كثيرين، وشفع في المذنبين " (إشعيا ٥٢/ ١٣ - ٥٣/ ١٢).
ويربط النصارى بين هذا السفر وبين ما جاء في مرقس " فتم الكتاب القائل: وأحصي مع أثمة " (مرقس ١٥/ ٢٨)، ومقصوده كما لا يخفى ما جاء في إشعيا " سكب للموت نفسه، وأحصي مع أثمة " ومثله في سفر أعمال الرسل. (انظر أعمال ٨/ ٢٢ - ٢٣).
والنص ولا ريب قد تعرض للكثير من التلاعب والتحوير، وتجزم بهذا التلاعب عندما تلحظ غموض عباراته، وحين تقارن نص إشعيا مع ما جاء في أعمال الرسل، وهو ينقل عنه، وفيه " وأما فصل الكتاب الذي كان يقرأه، فكان هذا: مثل شاة سيق إلى الذبح، ومثل خروف صامت أمام الذي يجزه، هكذا لم يفتح فاه، في تواضعه انتزع قضاؤه، وجيله من يخبر به، لأن حياته تنتزع من الأرض " (أعمال ٨/ ٣٢ - ٣٣)، فثمة فروق بين ما جاء في إشعياء وما نقله عنه أعمال الرسل.
فالنعجة في سفر إشعيا تحولت في أعمال الرسل إلى خروف، و "من الضغطة، ومن الدينونة أُخذ" أضحت: "في تواضعه انتزع قضاؤه".
لكن الفارق الأكبر بين السفرين نجده في قول إشعيا: "وفي جيله من كان يظن أنه قطع من أرض الأحياء"، فيما يقول سفر الأعمال: " وجيله من يخبر به، لأن حياته