للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: " عبدي البار بمعرفته يبرر كثيرون، وآثامهم هو يحملها " يتحدث كيف شمل البؤس بررة بني إسرائيل وعصاتهم، كما قال الله: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} (الأنفال: ١٢٥).

وإكراماً لهؤلاء البررة من بني إسرائيل، طهرهم الله من ذنبهم، ورفع عنهم هذه العقوبة، كما في إرميا: " في تلك الأيام يطلب إثم إسرائيل فلا يكون، وخطية يهوذا فلا توجد، لأني أغفر لمن أبقيه" (إرميا ٥٠/ ٢٠)، فقد حملوا خطيئة آبائهم، ثم غفرت ذنوبهم.

سوف يبدأ عهد جديد لا تضرس فيه أسنان الأبناء بحصرم آبائهم، ولا يعاقبون ثانية بجريرتهم، فقد تحملوا من آثامهم ما يكفي "في تلك الأيام لا يقولون بعد: الآباء أكلوا حصرماً، وأسنان الأبناء ضرست، بل كل واحد يموت بذنبه، كل إنسان يأكل الحصرم تضرس أسنانه، ها أيام تأتي يقول الرب، وأقطع مع بيت اسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً" (إرميا ٣١/ ٢٩ - ٣١). (١)

وهكذا فالإصحاح يتحدث عن شعب إسرائيل، وسبيه، وذلته، ثم نجاته. وهذا هو مفهوم النص عند اليهود وهم أصحاب الكتاب الأصليين، بل هو رأي كثير من المفسرين المسيحيين، كما نقل القس الخضري حين قال: "إن عدداً لا بأس به من المفسرين يتردد كثيراً في نسب هذه النصوص إلى المسيح ظناً منهم بأن النبي يتكلم عن إسرائيل كله كشخص محتقر مخذول ومطرود". (٢)


(١) ينقل القس صموئيل عن بعض العلماء رأيه في معنى هذا النص أنه يشير "إلى الأبناء الذين ولدوا في أرض المعاناة والضيق، وكل كرب وألم في أرض سبيهم، وحملوا من إثم آبائهم في هذه الأرض الغريبة [بابل] ". المدخل إلى العهد القديم، القس الدكتور صموئيل يوسف (٢٩٨).
(٢) تاريخ الفكر المسيحي، الدكتور القس حنا جرجس الخضري (١/ ٣٦).

<<  <   >  >>