للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- يقترن وصف الأناجيل الثلاثة لردة فعل التلاميذ حيال هذا الخبر بكثير من الغرابة، ففي متى

(٢٦/ ١ - ٢) لم يذكر لهم حساً ولا خبراً، بيد أنه في (متى ٢٦/ ٢٣) ذكر بأنهم " حزنوا جداً"، ويفهم منه أنهم فهموا مراده فحزنوا، لكن مرقس يقول: " وأما هم فلم يفهموا القول، وخافوا أن يسألوه " (مرقس ٩/ ٣٢)، ويؤكد لوقا هذا بقوله: " وأما هم فلم يفهموا من ذلك شيئاً، وكان هذا الأمر مخفياً عنهم، ولم يعلموا ما قيل ".

- وإضافة إلى تناقض النصوص، فإن في خوف التلاميذ من المسيح وترددهم في سؤاله ما يدعو للعجب، فقد عرف عليه الصلاة والسلام بدماثة خلقه، وبتحببه لهم، حتى إنه غسل أرجلهم، وكثيراً ما كانوا يسألوه، فِلمْ لم يسألونه في هذا الأمر الخطير؟

- ذكر الإنجيليون الثلاثة الذين ذكروا الخبر بأن المسيح سيقوم في اليوم الثالث (انظر متى ١٧/ ٢٣، مرقس ٩/ ٣٢، لوقا ١٨/ ٣٣)، وهذا لم يحصل، بل مكث ما لا يزيد بحال عن ليلتين ويوم.

- ومما يدل على عدم صحة التنبؤ بالصلب والقتل: فرار التلاميذ، وفيهم بطرس الذي قال له المسيح: "طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك، وأنت متى رجعت ثبت إخوتك، فقال له: يا رب، إني مستعد أن أمضي معك، حتى إلى السجن، وإلى الموت " (لوقا ٢٢/ ٣٢ - ٣٤)، فدل هذا على معرفتهم بأن المأخوذ غيره، كما قد عرفوا ذلك فهربوا، وقد قال عنهم المسيح: "الذين أعطيتني حفظتهم، ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك " (يوحنا ١٧/ ١٢).

ثم بعد ذلك ولأن أمر المصلوب لا يهمهم وقد عرفوا بنجاة سيدهم لم يهتموا بمتابعة المصلوب وهو على الصليب، أو في أثناء المحاكمة، إلا ما جاء عن بطرس ويوحنا وبعض النسوة.

<<  <   >  >>