وقد اقتصرت في الكتاب كله على ما يأتي في الأصل أ، وجعلته بحرف بارز متميز أسود، أول السطر، فكل ما يراه القارئ بهذا الشكل فالمراد به المصنف البيهقي، لا الإمام أحمد بن حنبل، رحمهم الله تعالى وإيانا.
* * *
أما المسائل المذهبية- فقهية كانت أو أصولية-: فلم أقف عندها أبدًا، وأكتفي بالتنبيه الذي ذكرته أول هذه المقدمة: أن الكتاب مدخل لطالب العلم المتمذهب للإمام الشافعي، يجد فيه ما يهمه من علم أصول الحديث، وعلم أصول الفقه، على وَفْق المذهب، وقد ملأ المصنف هذين البابين من هذا الكتاب من النقول عن إمام المذهب فقط، رضي الله عنه، وعن سائر علماء الإسلام، وهذا الاقتصار كافٍ للدلالة على ما قلت.
والإنصاف العلمي يوجب عليّ أن أقول: إن البتَّ والترجيح القاطع في مسائل الاجتهاد متعذِّر لا متعسِّر، وإن محاولة ذلك من متقدم أو متأخر أمر لا ينبغي، وغاية ما في الأمر أن أُثبت- من غير إجحاف ولا اعتساف- أن للمذهب الذي أتعبد الله تعالى به دليلًا قام عليه حكم المذهب، حسب قواعده وأصوله، لا حسب قواعد غيره وأصوله.
وقد قال الإمام البيهقي في "معرفة السنن والآثار" ١: ٢١٢ - ٢١٣ كلامًا في ترجيحه مذهب الشافعي وأنه أكثر الأئمة اتّباعًا للكتاب والسنة، وأقواهم احتجاجًا، وأصحهم قياسًا، وأوضحهم إرشادًا، لكنه رحمه الله