للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[باب الحكم الخاص الذي لا يقاس عليه]

٩٨٥ - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي قال (١): ما كان لله فيه حكم منصوص ثم كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم سنة بتخفيفٍ في بعض الفرض دون بعض، عُمل بالرخصة فيما رَخَّص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ما سواها، ولم يُقَس ما سواها عليها، وهذا كما فرض الله تعالى الوضوء على من قام إلى الصلاة من نومه فقال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦]، فقصد قصد الرِّجْلين بالفرض كما قصد ما سواهما من أعضاء الوضوء، فلما مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين، لم يكن لنا - والله أعلم - أن نمسح على عمامة، ولا بُرْقع، ولا قُفّازين، قياسًا عليهما.

قال: وهكذا ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حكم عامّ بشيء، ثم سنَّ فيه سنة تُفارق حكم العام، كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر، ونهى عن المزابنة، وهي: كل ما عرف مما فيه الربا، بجُزَاف من جنسه، ورخَّص في أن تباع العرايا بخَرْصها تمرًا يأكلها أهلها رُطبًا، فأثبتنا التحريم عامًا في كل شيء من صنف واحد


(١) "الرسالة" (١٦٠٨ - ١٦٢٤).