للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٣٢٥ - أخبرنا أبو سعيد ابن أبي عمرو، حدثنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي في كتاب الإقرار بالحكم الظاهر (١)، فذكر فصلًا طويلًا في ردّ الاجتهاد على غير أصل، وذكر فيما احتج به قولَ الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [المائدة: ٩٢] فجعل الناسَ تبعًا لهما، لم يُهملهم، والاجتهادُ ليس عينًا قائمةً، إنما هو شيء يُحدثه من نفسه، ولم يؤمر باتباع نفسه، إنما أُمر باتباع غيره، فإحداثه على الأصلين اللذين افترض الله عليه، أولى به من إحداثه على غير أصل.

١٣٢٦ - وذكر مثال ذلك الكعبةَ، من رآها صلى إليها، ومن غاب عنها توجه إليها بالدلائل عليها لأنها الأصل، فإن صلى غائبًا عنها برأي نفسه بغير اجتهاد بالدلائل عليها، كان مخطئًا، وكانت عليه الإعادة.

١٣٢٧ - قال: ومثلُ قول الله عز وجل: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] والمثلُ للمقتول (٢)، وقد يكون غائبًا، فإنما يُجتهد على أصل الصيد المقتول، فينظر إلى أقرب الأشياء به شبهًا، فَيَدِيه.

١٣٢٨ - ومثلُ أذان ابن أم مكتوم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت (٣)، فلو جاز الاجتهاد على غير أصل، كان لابن أم مكتوم أن يؤذِّن بغير إخبار غيرِه له أن الفجر قد طلع، ولكن لما لم تكن فيه آلة الاجتهاد على الأصل


(١) من "الأم" ٦: ٢١٦ - ٢١٩.
(٢) تنظر "السنن الكبرى" للبيهقي ٥: ١٨٥.
(٣) رواه البخاري (٦١٧).