على مناهج ومصطلحات علماء الرواية، ففيه "الكفاية" لطالب ذلك العلم.
و"المدخل" بهذا المعنى والدراسة يشابه كثيرًا ما صار يسمى عند علمائنا المتأخرين بـ "الختم"، وذلك حين يفرغ الشيخ من قراءة كتاب يعمل "ختمًا" لقراءته، ويدوِّن ذلك في كتاب، فيعرف- مثلًا- بـ "ختم صحيح البخاري"، وغيره، وقد يكون كتابًا من غير كتب السنة، مثل "ختم كتاب الشفا"، وهكذا، ويكون في هذا الختم دراسة عن الكتاب، لكن الفرق الجوهري بين (المدخل) و (الختم): أن المدخل دراسة بقلم مؤلف الكتاب الأصل، فهذا الكتاب الذي بين أيدينا كتبه البيهقي مدخلًا إلى كتاب آخر له، هو "السنن الكبرى"، أما ختم كتاب "صحيح" البخاري: فهو بقلم عالم قرأه أو قرئ على غير الإمام البخاري.
وفرق آخر: أن مما يكتبه كاتب (الختم) ثناء الأئمة على الكتاب ومزاياه، أما كاتب (المدخل) فلا يكتب ثناء على كتابه. والله أعلم.
وهذا "المدخل" هو مدخل إلى علم السنن، لكن كان الإمام البيهقي يلاحظ ملحظًا آخر زائدًا على ملحظ الخطيب، هو صلة كتابه هذا بكتابه الآخر "سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم"، وفيه أدلة الأحكام الشرعية، أو بمصطلحنا المعاصر: أحاديث الأحكام، وفيه (الفقه المقارن) خاصة مع الحنفية، فلا بدّ للقارئ فيه، أو: لا بد لقارئه من دراسةٍ ومدخلٍ على علم أصول الفقه، فجمع الإمام البيهقي بين الأبواب الضرورية لقارئ كتب الرواية عامة، وأحاديث الأحكام خاصة، مع الفقه المقارن، جمع بينهما في هذا (المدخل)، فجاء مدخلًا إلى علم أصول الحديث، وعلم أصول الفقه.