قَوْلهُ:{وَمَنْ يَتَّبِعْ} وقَوْلهُ: {خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} الضَّمِير في قَوْلهُ: {فَإِنَّهُ} يَعود على أيهما؟ إن نظرنا إلى أصل الجُمْلَة والموضوع قُلْنا: إنه يَعود إلى {وَمَنْ} لأَن جواب الشَّرط يَعود على ما يَعود علَيْه فعل الشَّرط، وإذا نظرنا إلى السِّياق وإلى أقرب مذكور قُلْنا: إنه يَعود إلى الشَّيطان، وتكون الجُمْلَة دالة على جواب الشَّرط ولَيْسَت هي جواب الشَّرط.
ويؤيد هَذَا الرَّأْي أن السِّياق في النَّهي عن اتباع خُطُوات الشَّيطان، لأَن الله نهى عن اتباع خُطُوات الشَّيطان، ثم ذكر ما يؤيد هَذَا النَّهي من التَّحذِير حيث بيَّن أن الشَّيطان وقع في الفَحْشاء والمُنْكر؛ لأَن الشَّيطان {يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر} ولهذَا كُلُّ عاقل إِذَا علم أن الشَّيطان يأمر بالفَحْشاء والمُنْكر لا يسوغ له أن يتبع خُطُواته، وهَذَا أظهر من وجهين: لأَن السِّياق يدُلّ علَيْه كما تقدَّم، هَذَا وجه، ولأن المتِّبع لخطُوات الشَّيطان قد لا يأمر بالفَحْشاء والمُنْكر، بل يفعل الفَحْشاء والمُنْكر ولكن لا يأمر بهما، وكثير من أهل الضَّلال تجدهم ضالِّين في أنفسهم، لكن لَيْسَ عندهم دعوة لما هم عليه، وإن كنا نجد أيضًا أن كثيرًا من أهل الضلال عندهم دعوة يأمرون بالفَحْشاء والمُنْكر، أي: لما هم عليه.
الحاصل أنَّه لَيْسَ بلازم أنَّ من اتبع خُطُوات الشَّيطان أن يامر بالفَحْشاء والمنكر نعم من اتبع اتباعًا مطلقًا لزم أن يأمر بالفَحْشاء والمنكر لأَن الشَّيطان يأمر بالفَحْشاء والمنكر.
أما على ما سلك المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ فإن جملة {فَإِنَّهُ يَأْمُرُ} تَكُون هي بعينها جواب الشَّرط إِذَا قُلْنا الضَّمِير عائد على {وَمَنْ يَتَّبِعْ} ويَكُون معنى قَوْلهُ: {وَمَنْ يَتَّبِعْ} أي: المتبع كما قَالَ المفسر، فالجُمْلَة هي جواب الشَّرط، والضَّمِير يَعود في جوابه على