فِعْلُهَا، هَذَا المُراد بالغافلات، وهَذَا القَيْد لَيْسَ بشرطٍ أي لَيْسَ بشرطٍ أن تَكُون المرمية ممَّن هي غافلة، هكذا قَالَ بعض أهْل العِلْم، بِدَلِيل أن من قذف محصنة بالزِّنَا وجب علَيْه حد القَذْف وإن لم تكن غافلة.
ولكن الأَصْل في القَيْد أنَّه معتبر وأن مفهومه وهو مفهوم المخالفة غير داخل فيه، هَذَا الأَصْل، فمن قَالَ: إن هَذَا القَيْد لا يعتبر بناء على الغالِب أو ما أشبه ذَلِك لنا أن نطالبه بالدَّليل، نقول: هاتِ دليلًا على أن هَذَا القَيْد لبَيان الغالِب وأنه لَيْسَ بمقصود وإلا فالأَصْل أن القيود يُراد بها ما يخالف محترزاتها، أي يُراد بها أن ما يخالفها يَكُون مخالفًا لها في الحُكْم.
وبعض العُلَماء يَقُول: إن قَوْلهُ: {الْغَافِلَاتِ} قيد لبَيان الواقِع ولَيْسَ مقصودًا، بمَعْنى أن من رمى محصنة فعلَيْه هَذه اللَّعْنة، وإن لم تكن غافلة، لكن ما دليله؛ قَالَ: لأَن من قذف محصنة وجب علَيْه حد القَذْف وإن لم تكن غافلة، والغافلة هي الَّتِي لا يرد في ذهنها هَذَا الْأَمْر الَّذِي رميت به وهو أبلغ من كونها لم تفعله ولم تُتهم به، لأنَّها قد لا تتهم به، ولكن قد يرد في قلبها هَذَا الشَّيء إلا أنَّها لا تفعله، فالغافلات أكمل حالًا، من مُجرَّد المحصنات.
فقول هَذَا القائل الَّذِي ذهب إلى أن الغافلات قيد لبَيان الواقِع وأنه لا مفهوم له يؤيد رأيه هَذَا بأن المحصنة إِذَا قُذفت وجب على قاذفها الحد، وإن لم تكن غافلة نقول له ردًّا على كلامه وتقريره: ادعاؤك أن الغافلات قيد أغلبي وأنه لا مفهوم له واستدلالك على ذَلِك بأن رمي المحصنة بالقَذْف يوجب الحَدّ وإن لم تكن غافلة هَذَا غير مُسَلّم به، لأَن الأَصْل في القَيْد الاعتبار وأنه يخرج ما عداه بمفهوم المخالفة، هَذَا الأَصْل أن القيود الَّتِي ترد في القُرْآن أو السُّنَّةِ الأَصْل فيها أنَّها قيود