للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تخرج محترزاتها من هَذَا الحُكْم، فمثلًا عنْدَما نقول: إن الغافلات قيد أغلبي لا يخرج محترزه هَذَا خلاف الأَصْل وعلى مدعيه الدَّليل.

هو استدل على ذَلِك بأن قذف المحصنة يوجب الحدّ وإن لم تكن غافلة، لكنَّنا نرد هَذَا الاستدلال أو هَذَا التأييد الَّذِي أيد به قَوْلهُ بأن الحُكْم مختلف فهناك حد القَذْف وهنا اللَّعْنة، قَالَ تَعَالَى: {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} ويَكُون من قذف محصنة استحق حد القَذْف لكن اللَّعْنة إنما تَكُون على من قذف محصنة غافلة هَذَا هو الأَصْل.

ولِذَلك نؤيد أن (الغافلات) قيد اعتباري لا أغلبي وأن الحُكْم الَّذِي هو اللعن في الدُّنْيَا والآخِرَة لا يَكُون إلا لمن قذف محصنة غافلة ذَلِك لأَن الأَصْل على حسب ما تقدَّم في هَذَا التقرير أن القيود اعتبارية تخرج عن الحُكْم محترزاتها فمن خرج عن هَذَا الأَصْل ألزم بالدَّليل.

أما من قَالَ: إن المُراد بهَذه الآيَة عَائِشَة -رضي الله عنها- مثلًا وأنَّها غافلة عن هَذَا الْأَمْر، فهَذَا صحيح، عَائِشَة غافلة لكنَّنا أيضا نرد قَوْلهُ بأن الآيَة عامَّة، فهَذَا أيضا كَذلِكَ أي: حمل العامّ على الخصوص يحتاج إلى دَليل، فمن ادعاه فعلَيْه الدَّليل وإلا وجب الأخذ بالعُموم.

وقَوْلهُ: {الْمُؤْمِنَاتِ} يَقُول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [باللهِ وَرَسُولِهِ].

إذا قَالَ قَائِل: لماذا قدم الله الوصف بالإحصان على الإِيمَان مع أن الإِيمان أعظم وهو الأَصْل؟

الجواب: نقول: وجه تقديمه هنا واضح، لأَن الرَّمي بالزِّنَا ينقض الإحصان وينافيه، فبدأ بالوصف الَّذِي ينقض ما رُميت به وهو الإحصان؛ لأَن المُؤْمِنة قد تكُون

<<  <   >  >>