للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مؤمنة ولَيْسَت محصنة، لكن المحصنة الَّتِي هي أبعد شيْء عما رُميت به لَيْسَت مؤمنة فقط بل ومحصنة أيضًا.

فعلى هَذَا نقول: وجه تقديم المحصنة على المُؤْمِنة مع أن الإِيمَان أكمل وأولى بالاعتبار أن المَسْأَلة في رد قولٍ يَتعلَّق بالإحصان فناسب أن يُذْكَرَ ما يَتعلَّق به من الحُكْم وهو وصف الإحصان قبل وصف الإِيمَان.

وقَوْلهُ: {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}، هذه الجُمْلَة محلها من الإِعْراب خبر (إنَّ).

قَوْلهُ: {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} هُنا لم يقل: لعنهم الله، قَالَ: {لُعِنُوا} لأجل أن يشمل ذَلِك لعنة الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وغيره وهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى: {يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: ١٥٩]، يعني: أن الله يَلْعَنهم.

وكَذلِك اللاعنون يَلْعَنونهم، وبناء الفِعْل للمجهول مِنْ فَوَائِدِه العُموم، ولكن هَذَا لَيْسَ دائمًا، لكن في مثل هَذه الآية يُفيد العُموم، ومثله قَوْله تَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} ماذا قَالَ؟ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٦ - ٧]، لم يقل: غير من غَضِبْتَ عليهم مثل ما قَالَ: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} لأَن النِّعمة من الله، والغضب من الله ومن غيره، كُلُّ من استكبر عن الحقّ فإنَّه مغضوب علَيْه لا من قِبل الله فحسب، ولكن من قبل الله وغيره فاللعنة هُنا من قبل الله وغيره ولذَلك بنيت للمفعول.

وقَوْلهُ: {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} اللَّعْنة الطَّرْد والإبعاد عن رحمة الله، هَذَا بالنِّسْبَةِ للعنة الله، فهم والعِيَاذ باللهِ مطرودون عن رحمة الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في الدُّنْيَا والآخِرَة وبالنِّسْبَةِ لغير الله يَلْعَنون في الدُّنْيَا بحيث يسبون ويقدح فيهم

<<  <   >  >>