للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويبعد عن الاختلاط بهم، تجد النَّاس يبتعدون عنهم؛ لأنهم ممقوتون مَحْذُورون، كلّ يحذر منهم ويخاف أن يتهموه بما اتهموا به فلانًا وفلانًا.

إِذَا قَالَ قَائِل: قَالَ اللهُ تَعَالَى في هَذه الآية: {الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ} هل المحصنون الغافلون مثلهنَّ؟

الجواب: نعم بالإجماع أن المحصَنين مثل المحصَنات في هَذه.

لكن ما وجه ذكر هَذَا خاصًّا بالنِّساء دون الرِّجَال ما داموا مشتركين في الحُكْم؟

الجواب: لأَن القَذْف في النِّساء أكثر من الرِّجَال، يعني كون المَرْأَة تقذف وتتهم بِالكَذِب أكثر من الرِّجَال لِذَلك ذكرت هي، والرّجل مثلها بالاتفاق.

مِن فَوَائِدِ الآيَة الْكرِيمَةِ:

الفَائِدةُ الأُولَى: عظم القَذْف للمحصنات الغافلات، وقد ثبت عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - انَه من الكبائر فقال: "اجْتَنِبُوا السَّبع المُوبِقَاتِ -وذكر منهنَّ- قَذْف المُحْصَنَاتِ الغَافِلاتِ المُؤْمِناتِ" (١).

الفَائِدة الثَّانية: تمام غَيْرة الله وأنه جَلَّ وَعَلَا غيور وقد جاء في الحَديث الصَّحيح: "مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَر مِنَ اللهِ أَنْ يَزْنِي عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِي أَمَته" (٢)، وكَذلِك قصة سعد بن عبادة لما نزل قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤]، {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٣)} [النور: ١٣]، كأنَّ سعدًا - رضي الله عنه - استشكل


(١) أخرجه البخاري، كتاب الحدود، باب رمي المحصنات، حديث رقم (٦٨٥٧)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بَيان الكبائر وأكبرها، حديث رقم (٨٩)، عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب الصدقة في الكسوف، حديث رقم (١٠٤٤)، ومسلم، كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، حديث رقم (٩٠١)، عن عَائِشَة.

<<  <   >  >>