للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَيْفَ يجد الرَّجل على زَوْجَته رجلًا ثم يذهب يطلب أرْبَعة شهود لا يأتيه إلا وقد فرغ فقال - رضي الله عنه - للنبي عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: والله لأضربنه بالسَّيف غير مصفح، أي أضربه بالسَّيف بحده حَتَّى أقتله، فقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا تَعْجَبُونَ مِنْ غَير سَعْدٍ وَاللهِ إِنِّي لَأَغير مِنْهُ وَاللهُ أَغيرُ مِنِّي" (١).

ويدُلّك على صِحَّة هَذَا كَيْفَ أوجب الله هوُلَاءِ القاذِفين أن يُلعنوا في الدُّنْيَا والآخِرَة، وأن لهم عَذابًا عَظِيمًا، ولهذَا جاء الشَّرع بما أَرَادَه سعد بن عبادة - رضي الله عنه -، فإن الْإِنْسَان لو وجد والعِيَاذ باللهِ إنسانًا على امرأته فله أن يقتله سواء كَانَ هَذَا الفاعل محصنًا أو غير محصن، ولا يحتاج أيضًا إلى مدافعة، بل نقول إِذَا عجز عن انكفافه فله قتله، بل له مباشرة؛ لأَن هَذَا لَيْسَ من باب دفع الصَّائل، ولكنه من باب الغيرة على محارمه.

ولهذَا وقعت قصة في عهد عمر - رضي الله عنه - واختصموا إلَيْه ولم ينكروا ادعاء الزَّوج بأنه وجده على امرأته لأنَّه قَالَ: يا أمير المُؤْمِنِينَ! أنا ما ضربت إلا فخذي امرأتي فإذا كَانَ بينهما أحد فقد قتلته، فأخذ السَّيف عمر - رضي الله عنه - وقال له: إن عادوا فعد (٢). ولم ينكر علَيْه هَذَا الفِعْل لأَن هَذَا الْإِنْسَان لا يتحمَّل أن يجد إنسانًا ينتهك محارمه إلى هَذَا الحَدّ حَتَّى يقتله.

فعَلَى كُلِّ حَالٍ في هَذه الآية إِثْبات غَيرة الله عَزَّ وجَلَّ ووجه هَذَا أنَّه سُبحَانَهُ وَتَعَالى حمى أعْرَاض عباده المُؤْمِنِينَ المحصنين الغافلين بهَذه العُقوبَة العَظِيمَة وهي اللعن في الدُّنْيَا والآخِرَة.


(١) أخرجه البخاري: كتاب الحدود، باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله، رقم (٦٨٤٦)، ومسلم: كتاب اللعان، رقم (١٤٩٩).
(٢) المغني (٩/ ١٥٣).

<<  <   >  >>