للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٤ - براءة الإِنْسان منَ التُّهمَة، وهَذا من أهَمِّ فوائِد الاسْتِئْذان، فلو دَخل المرْءُ علَى بيتٍ بدُون اسْتِئْذان فقَد يُتَّهم مثلًا بالسَّرقَة، أو بإرادَةِ الفاحِشَة.

٥ - وفيه تأمينُ أهل البَيْت بالسَّلام من شرِّ هَذا الدَّاخل، مع الدُّعاء لهم بالسَّلامة، فالسَّلام معناه أنَّك تدعو لهم بالسَّلامَة، إذن فمِنَ الأحْرَى والأَوْلى أنَّك لن تضرَّهم، بل ستحرِص على سلامَتِهم، ولهَذا قَال العُلَماء: لو سلَّم المسْلِم على كافِرٍ فإنَّ هَذا تأمينٌ له.

٦ - فيه الإحسانُ لأهل البَيْت بالسَّلام علَيْهم.

٧ - وفيه أن الدَّاخل قد كسب أجرًا بهَذا السَّلام، فالمسْلِم إذا قَال لأخيه المسلِم: "السَّلام عليكم" فازَ بعشر حسناتٍ (١)، والعاقِلُ لا يفرِّط في عملٍ يفوز به بحسَنات، ولا يزْهَد في الحسَنات إلا جاهِلٌ أو متهاوِنٌ.

فهَذِه أُمور منَ الخير في الاسْتِئْذان تتبيَّن بالنَّظر، لكن بعدما أمر الشَّارع بالاسْتِئْذان فتكون الخيرَّية الحَقِيقيَّة هي امتثال الأمْر، وهَذِه هي الخيرَّية الَّتي لا معارِض فِيها، فكلُّ ما أمَر بِه الله عَزَّ وَجَلَّ أوْ نهى عنْه فإنَّ الخيريَّة الحقَّ فِيه هي الامتثالُ لَه سواء كان أمرًا أو نهيًا، وهَذا هو الأمْر الَّذي من أجلِه خُلق الخَلْق، قَال تَعالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦].

قوْلُه تَعالَى: {وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا}، في هَذا السِّياق يقتَضي العُموم، فهل لو كان أهلُها كُفَّارًا، أتسلِّم علَيْهم؟ ظاهر الآيَة أن تُسلِّم.

وهل هَذا الظَّاهر يُخصَّص بقولِ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَبْدَؤُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى


(١) أخرجه الترمذي: كتاب الاستئذان والآداب، باب ما ذكر في فضل السلام، رقم (٢٦٨٩).

<<  <   >  >>