للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، استثنى الزِّينَة المُبْدَاة، وفي قَوْلهُ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} استثنى مَن تُبدى له الزينة، فنهى عن إبداء الزِّينَة في موضعين استثنى من الموضع الأوَّل الزِّينَة المُبْدَاة ومن الموضع الثَّاني من يُبدى له الزِّينَة فهل نجعل الاستثناءين ينصبان على عمل واحد ونقول: فيَكُون المَعْنى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ولا يبدين هَذه الزِّينَة أيضًا {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} وحينئذٍ نكون قد خصصنا عُمُوم ما سبق في الآيَة، وَيكُون غير هَؤُلَاءِ الَّذينَ استثنوا يحرم إبداء الزِّينَة لهم مطلقًا الظَّاهِرة والخفية؟

هَذَا احتمال، واحتمال آخر أن نقول: إن الزِّينَة زينتان: زينة ظاهرة تبدى لكل أحد؛ لأَن بُدوها ضرورة لا يُمْكِن التحرز منه، وزينة خفية لا تُبدى إلا لهَوُلَاءِ، وعلى هَذَا مشى المُفَسِّر على أن المُراد بالزِّينَة هَذه غير الزِّينَة الأولى، فالزِّينَة الأولى عامَّة وأُبيح منها ما ظهر لكل أحد، والثَّانية لَيْسَت عامَّة بل المُراد بها الزِّينَة الخفية الَّتِي لا تظهر أو الَّتِي لَيْسَ من الضروري أن تظهر.

هَذه الزِّينَة المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ يَقُول: [وَهِيَ مَا عَدَا الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ] بناءً على تفسير قَوْلهُ: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بالوَجه والكفَّين، لكن الصَّحيح أن المُراد بها الزِّينَة الخفية وهي الَّتِي لَيْسَ من الضَّرورة أن تظهر يعني الثِّياب الداخلية كما يَقُول العامَّة هَذه لا تبدى إلا لهَؤُلَاءِ المذكورين {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} إلى آخِره.

قَوْلهُ: {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} البُعُولة جمع بَعْل وهو الزَّوج.

قَوْلهُ: {أَوْ آبَائِهِنَّ} وهَذَا يشمل الْأَب الأدنى ومن فوقه كالأجداد.

واعلم أن باب التَّحْريم غير باب الإِرْث، باب الإِرْث الأبوة والبنوة لا تشمل إلا من يتصلون بك بطريق الْأَب يعني بطريق الذكورة، فابن البنت مثلًا وأبو الْأُمّ

<<  <   >  >>