للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول المُفَسِّر: [بِأَنْ لَمْ يَنتشِرْ ذَكَرُ كُلٍّ] لَيْسَ العَلامَة ألا ينتشر ذكره بل العَلامَة ألا يُعرف منه ميل إلى النِّساء، لأَن من النَّاس من يميل إلى النِّساء، وإن كَانَ ذكره لا ينتشر، فالعَلامَة أن لا يوجد منه ميل إلى النِّساء إطلاقًا لا عند قيام ذكره ولا عند عدم قيامه.

فالكلام على أنَّه لا يشتهي النِّساء ولا يميل إلَيْهنَّ فهو كالمَرْأَة، ولمشقَّة التحرز منه أباح الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى للنِّساء أن يبدين زينتهنَّ له، فصَارَ التَّابع معناه الَّذِي يتبع أهل البَيْت لتلقي فضول طعامهم إما لكونه خادمًا فيهم أو غير خادم، لكن اشترط الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى في التَّابع ألا يَكُون له إربة في النِّساء، والعَلامَة أنَّه يُعلم أنَّه لا يميلُ إلى النِّساء ولا يرغب فيهنَّ، والغالِب أنَّه لا يقوم ذَكَرُهُ، لكنَّه لَيْسَ بلازم قد يَكُون الْإِنْسَان ممَّن يميل إلى النِّساء ويحبهنَّ ويألفهنَّ لكن لا يقوم ذكره.

لِذَلك الصَّحيح في هَذه المَسْأَلة أنَّنا نعلم عدم حاجته وعدم ميله إلى النِّساء، ولهَذَا كَانَ في بيوت آل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - رجل مخنث، يعني من غير أولي الإربة لم يَكُونوا يعلمون به حَتَّى إنه في يوم من الأيَّام قَالَ لرجل من محارم إِحْدَى زوجات النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: إِذَا فتحتم الطائف فعليكم بابنة غيلان الثَّقفي، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان (١)، هم في أول الْأَمْر يحسبونه لَيْسَ بشَيْء، لكن هَذَا الَّذِي يصف المَرْأَة هَذَا الوصف يدُلّ على أنَّه يميل إلى النِّساء، فمنعه النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - من الدُّخول على أهل بيته لأنَّه يتبَيَّن أنَّه يميل إلى النِّساء، فإذا وُجد أن هَذَا التَّابع يصف النِّساء ويذكر جمالهنَّ وما أشبه ذَلِك علم أنَّه صحاب حاجة، وأما مَسْأَلة قيام الذكر فهَذه لَيْسَ بعلامة.


(١) أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت، حديث رقم (٥٨٨٧)؛ ومسلم، كتاب السلام، باب منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب، حديث رقم (٢١٨٠)، عن أم سلمة.

<<  <   >  >>