للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْنا: إن المُراد بالزِّينَة هُنا ما زين الله به المَرْأَة أو ما زين الله به الرَّجل فهل يَجب عَلَيْها أن تغض الطرف عن الرَّجل أو لا يَجب؟

هَذه المَسْأَلة فيها خلاف بين أهْل العِلْم، منهم من قَالَ: إنه لا يجوز للمَرْأة أن تنظر إلى الرجل، كما لا يجوز للرَّجُلِ أن ينظر إلى المَرْأَة؛ لأَن الآيَة واحدة قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}، {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} وأيدوا قولهم هَذَا بحديث أم سلمة والمَرْأَة الأُخْرَى الَّتِي لما دخل ابن أم مكتوم قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "احْتَجِبَا مِنْهُ" قالوا: يا رَسُول الله! إنه رجل أعمى، فقال: "أَفعَمْيَاوَانِ أَنتُمَا؟ ! " (١) فلمَّا أوردا علَيْه أنَّه أعمى قَالَ: أَفَعَمْيَاوَانِ أنْتُمَا، وأمرهما بالاحتجاب، لكن هَذَا الحَديث لا يصِح عند أهْل العِلْم؛ لأنه من رِوايَة نبهان مولى أبي سلمة وهو مجهول، ولذَلك ضعفه الْإِمَام أحمد رَحِمَهُ اللهُ.

ولذَلك الصَّحيح أنَّه يجوز للمَرْأة أن تنظر إلى الرَّجل إِذَا لم يكن هُناكَ فتنة أو شهوة، ويدُلّ لِذَلك أحاديث صحيحة صريحة منها حديث عَائِشَة - رضي الله عنها - حينما كَانَت تطلع إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد والنَّبي - صلى الله عليه وسلم - يسترها وهي تنظر إلَيْهم حَتَّى إنها هي الَّتِي تركت هَذَا الشَّيء (٢)، وهَذَا دَليل واضح على جَواز نظر المَرْأَة إلى الرجل.


(١) أخرجه أبو داود، كتاب اللباس، باب في قوله عزّ وجل: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}، حديث رقم (٤١١٢)؛ الترمذي، كتاب اللباس، باب ما جاء في احتجاب النساء من الرِّجَال، حديث رقم (٢٧٧٨)، وأحمد (٦/ ٢٩٦) (٢٦٥٧٩)، عن أم سلمة.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب الحراب والدرق يوم العيد، حديث رقم (٩٥٠)؛ ومسلم كتاب صلاة العيدين، باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد، حديث رقم (٨٩٢)، عن عَائِشَة.

<<  <   >  >>