فعَلَى كُلِّ حَالٍ أقول: إن التَّوبة من مُقتَضيات الإِيمَان، وأن من فرط فيها فهو دَليل على نقص إيمانه، وإذا كَانَ المفرط بالتَّوبة يستدل بعمله هَذَا على نقص الإِيمَان فالفاعل للمعصية الَّذِي يباشر المعْصِيَة مِنْ بَابِ أَوْلَى، ولهَذَا أشرنا إلى الحَديث الَّذِي قَالَ فيه النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُو مُؤْمِنٌ".
الفَائِدة الخَامِسَة: أن من لم يتب فهو ناقص الإِيمَان؛ لأَن التَّوبة من مُقتَضيات الإِيمَان، وعلى حسب مَعْصِيَته يَكُون نقص إيمانه.
الفَائِدة السَّادِسَة: أن التَّوبة سبب للفلاح؛ لقَوْلهُ:{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} والفلاح هو النَّجاة من المرهوب وحصول المَطْلوب.
الفَائِدة السَّابِعَة: إِثْبات الأَسْباب حيث جعل الله التَّوبة سببًا للفلاح، ففيه رد على من أنكروا الأَسْباب، وقالوا: إن الأَسْباب مُجرَّد عَلامَات لا موجبات، وهَذَا مذهب الأشعرية الَّذينَ يرون أن الأَسْباب عَلامَات لا موجبات، فهم يَقُولُونَ: الرَّجل إِذَا كسر الزجاجة لم تنكسر بكسره وإنما انكسرت عند كسرها، والنَّار إِذَا أحرقت لم تحرق يعني لم يحترق الشَّيء بسببها وإنما احترق عندها لا بها، الْإِنْسَان إِذَا أكل حَتَّى شبع لم يشبع بالأكل شبع عند الأكل لا به، لو وضع عنْدَه كثير من الطَّعام ولم يأكل هل يشبع أو لا؟ لا يشبع.
عَلَى كُلِّ حَالٍ هَذَا قَوْل باطل لَيْسَ له إطلاقًا محل من الصِّحة، وحتى العَقْل ينكره، لكن أقول: هَذِهِ الآيَة وكثير من الآيَات تثبت الأَسْباب وتدل على أن الأَسْباب مؤثرة في مسبباتها.
ولو قَالَ قَائِلٌ: إِذَا جعلتم الأَسْباب مؤثرة في مسبباتها ألستم أثبتم مع الله خالقًا وموجدًا؟