للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تزوج نفسها، وهَذَا أحد الأدلَّة، ومنه قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢].

ولَيْسَ هَذَا موضع البسط في مَسْأَلَة الوليِّ وعدم الوليِّ، إنما هَذَا الخِطَاب توجيه لأولياء أمور النِّساء أن يزوجهنَّ، ولم يبين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنْ يُنْكَح، يعني من الَّذِي نزوجه؛ لأنَّنا نحنُ مأمورون بالتزويج؟ بينت ذَلِك السنة فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ" (١)، فنزوج صاحب الدِّين والخلق، صحيحٌ أن المال مقصود حسًّا وواقعًا، وقد بيَّن النَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أن المَرْأَة تنكح لمالها (٢)، والرّجل كَذلِكَ ينكح لماله، لكن الأَصْل هو الدِّين والخلق.

وقَوْلهُ: {الْأَيَامَى مِنْكُمْ} يعني النِّساء غير المتزوجات، لكن الرِّجَال غير المتزوجين كَيْفَ ننكحهم؟ هل معناه إِذَا خطب مني أزوجه، أو معناه أعينه على الزواج أو الْأَمْرين جميعًا؟

الجواب: الْأَمْران جميعًا؛ لأَن الأيَّامى تطلق على الرِّجَال والنِّساء الَّذينَ لم يتزوجوا ولَيْسَ معهم زوجات، بالنِّسْبَةِ للإناث واضح أنَّنا مأمورون بتزويجهنَّ إنما نمنعهنَّ إِذَا خطبهم الْكُفَّار، لكن كَذلِكَ أيضًا الرِّجَال نحنُ مأمورون بتزويجهم، بمَعْنى إِذَا خطب منا الأيم نزوجه، والذي معه زوجة هل نزوجه؟ نزوجه لكن هَذَا أَشَدّ عناية.


(١) أخرجه الترمذي، كتاب النكاح، باب ما جاء إِذَا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، حديث رقم (١٠٨٥)، عن أبي حاتم المزني.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، حديث رقم (٥٠٩٠)؛ ومسلم، كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، حديث رقم (١٤٦٦)، عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>