للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مكاتبته ولِذَلك جُعل له سهم من الزَّكاة، فيجوز لِلإنْسان أن يصرف من زكاته شيئًا للمكاتبين، وهَذَا هو الصَّحيح.

وقَوْلهُ: {مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} انظر قَوْلهُ: {مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} لم يقل: "من مالكم" إِشارَة إلى أنكم وإن آتيتموهم فالمِنّة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأَن المال مال الله سواء قُلْنا: إنه مال شرعي لله وهو الزَّكاة -هَذَا إِذَا قُلْنا بأن الْأَمْر موجه لغير الأسياد- أو أن المال الَّذِي هو مال لله غير شرعي مال الله قدرًا، وهو مال الْإِنْسَان الَّذِي يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه فإنَّه في الحَقيقَة مال الله، وكأنَّ في الآية إِشارَة إلى أنه لا فضل لكم، واحمدوا الله سبحانه وَتَعَالى أن أعطاكم مالًا فأعطوا هَؤُلَاءِ المكاتبين من مال الله الَّذِي آتاكم.

خُلاصَة الكَلام أن في هذه الآية مشروعية المكاتبة هُنا إِذَا طلبها العَبْد، والْأَمْر فيها للوُجوب على القَوْل الصَّحيح، ولكنه مشروط بعلم الخير، والخيْر هو الصَّلاح في الدِّين والكسب، وفي الآية أيضًا دَليل على وُجوب إتيان المكاتب من المال سواء كَانَ الخِطَاب موجهًا للسيد أو موجهًا لعموم النَّاس، أما إِذَا كَانَ الخِطَاب موجهًا لعموم النَّاس فإنهم يعطون من الزَّكاة، وأما بالنِّسْبَةِ للسيد فيعطيه من المال الَّذِي في يده؛ لأَن الله سبحانه وَتَعَالى هو الَّذِي مَنَّ به عليه.

قد يَقُول قائل: لماذا تمنعون أن يعطي السَّيِّد من زكاته مكاتبه، مع أنكم تجيزون أن يعطي غريمه إِذَا كَانَ الْإِنْسَان يطلب شخصًا دراهم وأعطاه من زكاته فلا حرج؟

الجواب: يقال: الفَرْق بيِّن، الغريم إِذَا أعطيته ربما يَستَفِيد وربما لا يَستَفِيد، وربما أيضًا يتصرف فيه كما يُرِيد، لكن المكاتب سيَستَفِيد مهما كَانَ إما يَعود المكاتب رقيقًا ويَعود المال إلَيْه، هَذَا هو الفَرْق بينهما.

<<  <   >  >>