للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذَنْ ما هو الرأي في هذه المَسْأَلة، يعني: ما هو القَوْل الراجح؟

الجواب: نقول: ذكر العُلَماء ثلاثة أوجه غير ما ذكره المُفَسِّر:

الأوَّل: أن هَذَا بناء على الأغلب أنهم يكرههنَّ وهنَّ يردن التَّحصُّن، ومعْلُوم أن القَيْد إِذَا كَانَ لبَيان الغالِب لا مفهوم له، يعني: أن الله ينهاهم عن أمر قد وقعوا فيه وهو أنهم يكرهون فتياتهنَّ على الزِّنَا وهنَّ يردن التعفف عنه، فيَكُون هَذَا بناءً على الغالِب فلا مفهوم له، وهَذَا ما ذهب إلَيْه ابن كثير، على أن القَيْد -أي: الشَّرط- هَذَا لبَيان الغالِب لا لبَيان الواقِع.

الثَّاني: قَالَ بعض العُلَماء: إن الشَّرط هَذَا بمَعْنى (إذ) ولا تكرهوا فتياتكم على البِغَاء (إذ) أردن تحصنًا؛ أي: لأنهنَّ يردن التَّحصُّن، وهَذَا القَوْل في الواقِع قد يَكُون راجعًا إلى القَوْل الَّذِي قبله وهو أننا نُخَّرج الشَّرط بناء على الغالِب، يعني أن الله ينهى عن حالة معينة كَانَ النَّاس يفعلونها في الجاهلية، ولهذَا لا يجوز تمكينها من الزِّنَا فضلًا عن الإِكْراه، لكن النَّهْي وارد على قَضيَّة معينة كانوا يفعلونها في الجاهلية، هَذَا على رأي من يرى أن هَذَا القَيْد يتنزل على الغالِب أو على الحال الَّتِي كَانَت أسبق منه.

الثالث: أن المَقْصود من الشَّرط المبالغة في تبكيتهم ولومهم وتوبيخهم كَيْفَ أن الفتيات وهنَّ مماليك يردن التَّحصُّن وأنتم تريدون عكسه؟ ! لكن هَذَا مقصود به المبالغة في تبكيت هَؤُلَاءِ الأسياد الَّذينَ يكرهون الفتيات على البِغَاء، مع أن المفروض أنهنَّ لو أردن البِغَاء لكنتم تريدون التَّحصُّن والتعفف.

والتخريج الَّذِي مشى علَيْه المُفَسِّر حيث زعم أن صُورَة الإِكْراه لا تتأتى إلا بهَذِهِ الإِرادَة؛ أي: صُورَة الإِكْراه لا يُمْكِن أن تَكُون إلا إِذَا أردن التَّحصُّن.

<<  <   >  >>