للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقال: تتأتى بهَذ الإِرادَة وبإرادة أُخْرَى؛ لأَن صُورَة الإِكْراه تقع في غير هذه الإِرادَة، يعني يُمْكِن أن يكرهها وهي لا تريد التَّحصُّن، إِذَا أكرهها على شخص معين، لكن لا تريد هَذَا الشَّخص بعينه الَّذِي أكرهها عليه، مثل أنْ يقولَ مثلًا: تزنين مع هَذَا الرَّجل لكن هي لا تريد هَذَا الرَّجل تريد رجلًا آخر، فإذا أكرهها على أن تزني بهَذَا الرَّجل تحقق الإِكْراه مع أنَّها لا تريد التَّحصُّن في الحَقيقَة، فيُمْكِن الإِكْراه وإن لم ترد التَحصُن.

فقولهم: إن الإِرادَة هي محل النَّهْي؛ لأنه لا إكراه بدون إرادة التَّحصُّن، يقال: لا، يُمْكِن أن يَكُون إكراه بدون إرادة التَّحصُّن، مثل أن تَكُون هي في ذَلِك الوقت لَيْسَ لها رغبة في الجِماع، أو في مكان لا ترغب أن تجامع فيه أو في زمان لا ترغب أن تُجامع فيه، أو لا تريد من أكرهت علَيْه أو ما أشبه ذَلِك، فلَيْسَ الإِكْراه خاصًّا بالزِّنَا حَتَّى نقول: إن هَذَا الشَّرط لبَيان الواقِع، فلا مفهوم له، أو لا تريد أن يقع منها هَذَا الْأَمْر في هَذَا الوقت، أو على هذه الحال، أو في مكان لا ترغب أن يجامع فيه، أو أنَّها تريد أن تراغم السَّيِّد ولا توافقه، أو ما أشبه ذَلِك، يعني لَيْسَ امتناع الفتاة من الزِّنَا محصورًا في إرادة التَّحصُّن؛ إِذْ إنه قد يَكُون له أغراض أُخْرَى.

الحاصل أن الإِكْراه لَيْسَ خاصًّا بالزِّنَا حَتَّى نقول إن هَذَا الشَّرط لبَيان الواقِع فلا مفهوم له.

وفي قَوْلهُ: {لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} إِشارَة إلى انحطاط رتبة من أراد ذَلِك؛ أي: من أَرَاد عرض الدُّنْيَا، وهَذَا صحيح.

و(اللَّام) في قَوْلهُ: {لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} هل هي للتَّعليل أو للعاقبة؟ الظَّاهِر أنَّها للتَّعليل، وأن الَّذينَ يُكرهون فتياتهم على ذَلِك إنما يُريدُونَ عرض الحياة

<<  <   >  >>