للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لو قَالَ قَائِلٌ: لو أكرهت المَرْأَة وهي صائمة على الجِماع؛ أي: جامعها زوجها وهي صائمة بغيرِ اختيارِها ولم تتمكَّن أن تتخلَّص منه فما الحُكْم؟

الجواب: لا شَيْء عَلَيْها، لا تفطر ولا تكفر، وكَذلِك لو أكرهها على الجِماع وهي في إحرامها، يعني وهي محرمة، كَذلِكَ أيضًا لَيْسَ عَلَيْها شَيْء لا بالنِّسْبَةِ للنسك ولا بالنِّسْبَةِ للفدية، وهَذ قاعِدَة عامَّة مقررة في الدِّين الْإِسْلَامي، لكن يلاحظ أن قَوْلهُ: {مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ} تقدَّم أن فيه إِشارَة إلى تحقق الإِكْراه، وأنه لو كَانَ في المكره أدنى ميل فقد يتخلف جواب الشَّرط، فتتخلف المغْفِرة والرَّحمة إِذَا كَانَ بعدما أُكْرِه مال إلى الشَّيء، فهَذَا يحصل فيه تخلف الشَّرط، ومن ثَمَّ زعم الفُقَهاء رَحَمَهُم الله أن الرَّجل لا يُمْكِن أن يُكْرَه على الزِّنَا، وقالوا: إن الرَّجل إِذَا أُكْرِه على الزِّنَا وجب علَيْه إقامة الحد، وإذا اُكْرِه على الوطء في رمضان وجب علَيْه كفارة والقضاء، وكَذلِك في النُّسك، وما السَّبَب؟

قالوا: الإِكْراه في الجِماع لا يُمْكِن؛ لأنه لَيْسَ بفاعل إلا عن ميل، ما يفعل إلا بعد انتشار ذكره، ولا ينتشر ذكره إلا إِذَا مال، وعلى هَذَا فلا يتحقق الإِكْراه، والله سبحانه وَتَعَالَى يَقُول: {مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ} لكن خصوصًا في الحَدّ تدرأ الحُدُود بالشُّبُهَات، هَذَا وإن كَانَ فيه نظر، لكن عَلَى كُلِّ حَالٍ الْإِنْسَان إِذَا كَانَ شابًّا وأكره أن يزني بامرأة جميلة شابة قد ينتشر ذكره، لكن الحَقيقَة أن الْإِنْسَان مع الكراهة الشَّديدة للشَيْء لا يُمْكِن أن ينتشر.

* * *

<<  <   >  >>