للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالآية فيها قراءات ثلاث:

{دُرِّيٌّ} بضم الدال وتشديد الياء بدون همزة منسوب إلى الدر وهو اللؤلؤ لصفائه.

و"دُرِّئٌ" (١) بكسر الدال، فعِّيل على وزن سكَّين مبالغة من الدَرء بمَعْنى الدفع.

و"دُرِّئ" (٢) بضم الدال، فعِّيل، أيضًا من الدرء بمَعْنى الدفع، والكَوْكَب الدُري معناه العَظِيم النُّور والتوقد يعني: توقده ونوره عَظِيم، وَذلِك لأَن وصفه بهَذَا الدرء يدُلّ على قوة نوره ونفوذه، وكلما كَانَ أَشَدّ لمعانا كَانَ أَشَدّ درءًا، فـ (دُريءٌ) مشتق من الدرء، درأ يدرأ فهو داريء، فـ (داريء) اسم الفاعل، لكن جاءت المَسْأَلة على باب المبالغة؛ لأَن وزن فِعِّيل وفُعِّيل كلاهما من صيغ المبالغة؛ لأَن كل مشتق بمَعْنى اسم الفاعل إِذَا عُدل به عنه، فهو يدُلّ على أحد أمرين: إما المبالغة، وإما الصِّفة المشبهة، فهُنا يدُلّ على المبالغة يعني بسبب قوةِ توقده وقوة ضوئه يَكُون دِرِّيئًا أي: يدرأ الظلام بقوة نفوذه، ولا يدرأ الظلام بقوة نفوذه إلا وهو عَظِيم التوقد وعَظِيم النُّور؛ لأنك لو أتيت مثلًا بسراج أو لمبة صغيرة هل تدرأ الظلام؟ لا تدرأ إلا درءًا بسيطًا فيما حولها، لكن لو أتيت بلمبة كَبيرَة وعَظِيمة تدرأ الظلام بقوة ولذَلك يَكُون ما حولها منيرًا جدًّا، وكَذلِك أيضًا أوسع وأبعد.

القِراءَة الأُخْرَى: "دُرّيٌّ" منسوب إلى الدر كما تقدَّم، وهو اللؤلؤ لصفائه، يعني لا يوجد مثلًا قَتَم يحول بيننا وبين هَذَا الكَوْكَب بل هو صافٍ جدًّا مثل الدر، هاتان القراءَتان قد سبق الإِشَارَة إلى أن القراءَتَين يَكُون مِنْ فَوَائِدِهما أحيانًا سعة


(١) تحبير التيسير في القراءات العشر (ص: ٤٨١)، وحجة القراءات (ص: ٤٩٩).
(٢) المصدر السابق.

<<  <   >  >>