وقَوْلهُ:{لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} كَيْفَ تَكُون {لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} ما معنى هَذَا؟ يَقُول رَحَمَهُ الله:[بَلْ بَيْنهمَا فَلَا يَتَمَكَّن مِنْهَا حَرّ وَلَا بَرْد مُضِرَّينِ] هكذا في النُّسخة الَّتِي عندي، والظَّاهِر أن الصَّواب (مضران) ومعنى: {لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} أي: أنَّها في ربوة أو جبل لأنَّها إِذَا كَانَت في منخفض، فهي لا بُدَّ أن تَكُون شرقية أو غربية.
فإن كَانَت في المنخفض من جهة الشَّرق فهي شرقية، شمس آخر النَّهار لا تصيبها، وإذا كَانَت من جهة الغرب فهي غربية شمس أول النَّهار لا تصيبها، فهي إما في ربوة وَذلِك أكمل وأبين وأعلى وأطيب زيتًا، وإما في مكان مستوٍ، صحراوية، وفي هَذَا دَليل وإرشاد إلى أنَّه يَنْبَغِي لِلإنْسان إِذَا وضع الشَّجر ألا يضعه في مكان يحتجب عن الشَّمس شرقًا أو غربًا بل يَنْبَغِي أن يوضع الشَّجر في مكان يبرز للشمس شرقًا وغربًا.
قَوْلهُ:{يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} يَقُول رَحِمَهُ اللهُ: لِصَفَائِهِ. اهـ. {يَكَادُ} بمَعْنى يقرب {زَيْتُهَا} أي: زيت هذه الشَّجرة، {يُضِيءُ} أي: يحدث إضاءةً {وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} كَيْفَ يضيء ولم تمسسه نار؟ يَقُول المُفَسِّر رَحَمَهُ الله:[لِصَفَائِهِ] فإذا أصابته النَّار مع أن أصله صافٍ يكاد يضيء ماذا يحدث؟ {نُورٌ عَلَى نُور}.
الآن يُمْكِن أن نعرف ما نوع هَذَا التَّمثيل وهل هَذَا التَّمثيل مركب أو مفرد؟ الظَّاهِر أنَّه مركب يعني مركبًا من هذه الأَشْيَاء، ولا يتحقق ولا يتم التَّمثيل إلا بتصور هذه الأَشْيَاء مجتمعة، لو قُلْنا: أنَّه مفرد كَانَ معنى ذَلِك أن كل تمثيل لا يتصل بما بعده، ننظر قَوْلهُ:{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} المشبه نور الله، والمشبه به المشكاة، ثم قَوْلهُ:{فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}.