والمُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ لم يذكر القِراءَةَ الثَّانيةَ، وهي قِراءَة الرفع {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ}، وعلى قِراءَة الرفع نقول:{فَشَهَادَةُ} مُبْتَدَأٌ، وخَبَرُه {أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ}.
قَوْلهُ:{أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} أي: لا بُدَّ أنْ يقولَ: أشهدُ، قَوْلهُ:{بِاللَّهِ} متعَلِّق بشهاداتٍ، فلا يكفي أنْ يقولَ: أشهدُ أنَّ امرأتَه كذا وكذا، بل لابُدَّ أنْ يقولَ: أشهدُ باللهِ، لِتَتَضَمَّنَ الشَّهادة شَهادة وقسمًا، ولهَذَا أُجِيبتْ بجواب القَسَمِ، وهو قَوْلهُ:{إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}.
إِذَنْ لابُدَّ أنْ يشهدَ شَهادةً باللهِ لتكونَ شَهادة مقرونةً بالقَسَمِ، والدَّليلُ على هَذَا أنَّه أُجِيبَ بما يُجابُ به القَسَمُ، وهو قَوْلهُ:{إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} فهَذِهِ الجُمْلَةُ الخبريةُ مُؤَكَّدَةٌ بالشَّهادة والقَسَمِ و (إنَّ) و (اللَّام)، أرْبَعة مُؤَكِّدَاتٍ، وتُكرر أربعَ مراتٍ، فيصيرُ تأكيدًا من وراء تأكيدٍ، فإخبارُه عن زَوْجَته بأنَّها زنت مُؤَكَّدٌ بهَذِهِ الأرْبَعة.
والشَّهادةُ أربع شَهادَات يعني: أشهد باللهِ إني لمن الصَّادِقينَ.
وقَوْلهُ:{لَمِنَ الصَّادِقِينَ} والصَّادق هو المُخْبِرُ بما يُطابِقُ الواقِعَ.
وقول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ:[فِيمَا رَمَى بِهِ زَوْجَتَهُ مِنَ الزِّنَا] أي: لا بُدَّ أنْ يقولَ هَذَا أو معناه، إما أنْ يقولَ فيما رميتُها به من الزِّنَا أو فيما قذفتُها به من الزِّنَا، أو ما أدى هَذَا المَعْنى، المُهِمّ لا يكفي أنْ يقولَ: أشهدُ باللهِ إني لمِنَ الصَّادقينَ؛ لأنَّه قد ينوي به الصَّادِقينَ في غير هَذ القَضيَّة.
وظاهر القُرْآن الكَرِيم أنَّه يُجْزي؛ لأَن الله لَمْ يَقُلْ:"فيما رميتُها به من الزِّنَا"، فهَذَا جائزٌ، لكنَّه لو نوى أنَّه من الصَّادِقينَ في قَوْل آخر، فإنَّه لا ينفعه، لأَنَّه كما جاء