للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الحديث: "يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ" (١).

فأنتَ وإنْ نويتَ خلاف ذَلِك، فأنتَ إنما اسْتَشْهَدْتَ على ما رميتَها به من الزِّنَا، فسواءٌ ذكرتَه أم لم تذكُرْه لا يختلفُ الحُكمُ، ولهَذَا فالقرآنُ لم يُقَيِّدْهُ بِذَلِك، بناءً على أن المقام يُعَيِّنُه، وأن مَنْ نيتُه خلاف ذَلِك لا تنفعه نيتُه؛ لأَن الْيَمِين على ما يُصَدِّقُكَ به صاحبُكَ أي خَصْمُكَ.

لكن لو أنَّه قَالَ ذَلِك أو هي طلبَتْ ذَلِك مثلًا أو الحاكم طلب منه ذَلِك، فإنَّه أَوْلَى لأجل أن يطمئنَ الْإِنْسَان أكثر، فلو أن القَاضِي مثلًا خاف من أن يَتَأوَّلَ وإن كَانَ تَأَوُّلُه لا ينفعه، فإنَّه إِذَا أمره أنْ يقولَ ذَلِك فَلْيَجبهُ للطُمَأْنينة.

ولكن لو قَالَ قَائِلٌ: هل يَجب على الزَّوج أنْ يقولَ: أشهدُ أربعَ شَهادَات باللهِ على ما رميتُها به من زنا؟

الجواب: لا يَجب أنْ يقولَ: على ما رميتُها به من زنا، وإن كَانَ لَيْسَ موجودًا في الآيَة، لكن المقام يعيِّنه.

مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكَرِيمَةِ:

الفَائِدةُ الأُولَى: الحكْمَةُ في تَشْريع الله جَلَّ وَعَلَا؛ لأَن هَذ الآية مُستثناةٌ في الحُكْم من قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)} [النور: ٤]، ولو أن هَذه الآيَة بقيت على ما هي علَيْه لوجب أنْ يُجْلَدَ الزَّوجُ.


(١) أخرجه مسلم كتاب الأيمان، باب يمين الحالف على نية المستحلف، رقم الحديث (١٦٥٣)، عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>