للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحكْمَةُ هُنا أنَّه خص الزَّوج بهَذَا الحُكْم من حكم الَّذِينَ يرْمُون المُحْصَناتِ؛ لقَوْلهُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: ٦].

وهَذَا من التَّخصِيص المنفصل؛ والتَّخصِيص نوعان:

١ - تَخْصِيص متصل.

٢ - تَخْصِيص منفصل.

أمَّا التَّخْصِيصُ المتصلُ فيَكُون بالاسْتِثْناء أو الصِّفة أو الشَّرْطِ.

مثال التَّخصِيص بالاسْتِثْناء قَوْله تَعَالَى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)} [العصر: ٢ - ٣].

ومثال التَّخصِيص بالصِّفَة: "أَكرِم الطَّالبَ المجتهدَ"، المجتهد خَصَّصْتُه بالصِّفَةِ المتصلةِ.

ومثال التَّخصِيص بالشَّرْطِ: "أَكرِم الطالبَ إنِ اجْتَهَدَ"، "قَرّر رَوْضَةَ النَّاظرِ إن كانوا يعرفون أصول الفِقْه".

التَّخصِيص الَّذِي في الآية هو منفصلٌ، حيث خَصَّصَتْ عمومَ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)} [النور: ٤] لأنَّه لو بقيتِ الآيَة الأولى عَلى عُمومِها لكان الزَّوج إِذَا قَذَفَ زوجتَه يثبتُ له الأَحْكامُ الثَّلاثَةُ السَّابقةُ، لكن الزَّوج انفرد عن غيره بهَذَا الحُكْم.

إِذَنْ تَخْصِيصُ الأَزْواج من عُمُوم قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} خُصِّصَ بمُخَصصٍ منفصلٍ لأنَّه نصٌّ مستقلٌ.

<<  <   >  >>