للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على معنى الدوام؛ أي: يسبحون دائمًا، أو على معنى أول النَّهار وآخِره، وَيكُون هَذَا إِشارَة للتسبيحات الَّتِي تُذكر في أول النَّهار وفي آخِره؛ ومنها صلاة الفجر وصلاة العصر؛ فإن الصَّلاتين هاتين أفضل الصَّلوات، كما جاء في الحديث الصَّحيح: "مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنّةَ" (١)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ كَماَ تَنْظُرُونَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يُغْلَبَ عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسرِ وَلَا غُرُوبِهَا فَلْيَفْعَلْ" (٢)؛ يعني: الفجر والعصر.

على كل حال {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} إن أُريد بهما حقيقتهما؛ وهو أول النَّهار وآخِره، كَانَ في ذَلِك إِشارَة إلى ما يُقال من التَّسبيح والتَّعظيم لله والتهليل في أول النَّهار وآخِره، وكَذلِك أيضًا إلى صلاة الفجر وصلاة العصر، وإن قُلنا: المُراد بـ {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} كل الدهر، وأن هَذَا من باب ذكر الطرفين الَّذِي يشمل الجميع، كما في قَوْلهُ: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: ٦٢]؛ فإنَّه يشمل كل ما يُسبَّح لله تَعَالَى في المَسَاجِد في أول النَّهار وآخِره وفي الليل أوله وآخِره ووسطه.

قَوْلهُ: {رِجَالٌ} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [فَاعِل يُسَبِّح بِكَسْرِ الْبَاء وَعَلَى فَتْحهَا نَائِب الْفَاعِل لَهُ، و {رِجَالٌ} فَاعِل فِعْل مُقَدَّر جَوَاب سُؤَال مُقَدَّر كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنْ يُسَبِّحهُ؟ ] اهـ.


(١) أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة الفجر، حديث رقم (٥٧٤)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، حديث رقم (٦٣٥)؛ عن أبي موسى الأشعري.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، حديث رقم (٥٥٤)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي العصر والمحافظة عليهما، حديث رقم (٦٣٣)؛ عن جرير بن عبد الله.

<<  <   >  >>