للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} مِنْ الخَوْف؛ {الْقُلُوبُ} بَيْن النَّجَاة وَالهَلَاك {وَالْأَبْصَارُ} بَيْن نَاحِيَتَيْ الْيَمِين وَالشِّمَال: هُوَ يَوْم الْقِيَامَة] اهـ.

قَوْلهُ: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ}. كَلِمة {رِجَالٌ} مهو تدُلّ على المدح والثَّناء كما يُقال: فلانٌ رجل أي: أَنَّه اتصف بصفة الرجولة، ولِذَلك لا تُطلق إلَّا على البالغ العاقِل، وقَوْلهُ: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ} لم يقل: لا يبيعون ولا يشترون؛ لأَن الَّذِي لا يبيع ولا يشتري قد يأتي إلى المسجد لَيْسَد الفراغ، لكن الَّذِي يبيع ويشتري له عمل وتجارة، بخلاف الَّذِي لا عمل له ولا شغل، وهَذَا أبلغ في الثَّناء؛ فكونهم يبيعون ويشترون وهَذَا البيع والشِّراء لا يلهيهم عن ذكر الله.

وقَوْلهُ: {تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ} المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ فسَّر التجارة بالشِّراء؛ لماذا؟ في مقابلة قَوْلهُ: {بَيْعٌ} ولكنه تفسير غير صحيح؛ لأَن الشِّراء مفهوم من قَوْلهُ: {بَيْعٌ}؛ إِذْ لا يوجد بيع إلَّا بشراء، لكن التجارة أعم من البيع، قد يلهو الْإِنْسَان في تجارته بتصنيفها وتبويبها وحفظها وصيانتها وما أشبه ذَلِك.

ربما لا يلهو وهو يبيع ويشتري لكن يلهو بطريق آخر بهَذ التجارة؛ لِذَلك نقول: المُراد بالتجارة في الآيَة ما يتَّجر به الْإِنْسَان، ولهوه به لَيْسَ بالشِّراء بل بما هو أعم، أما الشِّراء فمفهوم من البيع؛ لأنهم إِذَا اشتروا فقد باع عليهم غيرهم، وإذا باعوا فقد اشترى منهم غيرهم.

وقَوْلهُ: {عَنْ ذِكْرِ اللهِ} يعني التجارة لا تلهيهم عن ذكر الله، يقدِّمون ذكر الله على تجارتهم، لكن النَّاس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام في مَسْأَلة التجارة والذكر:

القِسْم الأوَّل: من يقدِّم التجارة على الذكر، وهَذَا خاسر؛ لقَوْله تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ

<<  <   >  >>