لأَن هَذَا من رفعها، ولهَذَا جاء في الحَديث عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قَالَ:"عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي، حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجل مِنَ المَسْجِدِ"(١).
الفَائِدة الخَامِسَة: أن الذكر الأفضل أن يَكُون بالْقَلْب واللِّسَان؛ لقَوْلهُ:{أَنْ تُرْفَعَ}؛ لأَنَّه لا يُمْكِن أن يُذكر فيها اسمه إلَّا باللِّسَان.
الفَائِدة السَّابِعَة: الجمع بين إِثْبات الكمال لله ونفي النَّقص عنه، لقَوْلهُ:{وَيُذْكَرَ} وقَوْلهُ: {يُسَبِّحُ}، فقَوْلهُ:{وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} هَذَا فيه إِثْبات صفة الكمال، وقَوْلهُ:{يُسَبِّحُ} هو فيه نفي صفة النَّقص، وسبقت قاعِدَة مهمة في باب التوحيد في الأَسْماء والصفات على أن النَّفي لا يُراد به مجرّد النَّفي، وإنَّما يُراد مع النَّفي إِثْبات كمال ضده، فإذا نفى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنَّه يظلم لَيْسَ معنى ذَلِك مُجرَّد نفي الظُّلْم ولكن من أجل إِثْبات كمال العَدْل، فمن أجل كمال عدله لا يظلم، لأَن نفي الظُّلْم قد يَكُون من العجز على الظُّلْم وقد يَكُون لعدم قابلية هَذَا المحل لكونه ظالمًا فإنَّه يُقال مثلًا: الجدار لا يظلم لأنه لَيْسَ قابلًا للظلم، القابلية معدومة، ولو قِيلَ لرجل ضعيف مهين: هو لا يظلم لعجزه، فلا يَكُون مدحًا، لكن إِذَا قِيلَ هَذَا لقادر قابل لأَن يَكُون ظالمًا من حيث هو ذاته، فهَذَا دَليل على كمال عدله، ولِهَذَا نفى الله الظُّلْم عن نفسه متمدحًا به تَبَارَكَ وَتَعَالَى ولو كَانَ غير قابل للظلم كما قالت الجبرية ما صح النَّفي.
(١) أخرجه أَبو داود، كتاب الصلاة، باب في كنس المسجد، حديث رقم (٤٦١)، والتِّرمِذي، كتاب فضائل القرآن، باب، حديث رقم (٢٩١٦)، وأحمد (٣/ ١٢٤٥) (١٢٢٨٠)، عن أَنس بن مالك.