للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولستم أكمل حالًا ممَّن أثنى الله عليهم من الأبرار، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} إلى أن قَالَ: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: ٥ - ٧].

ولا شَكَّ أن الْإِنْسَان الَّذِي يعبد الله - سبحانه - لينال فضله وينجو من عقابه هو يُرِيد الوصول إلى رضوان الله وإلى رؤية الله عَزَّ وَجلَّ، لأَن من جملة النَّعيم في الجنَّة رؤية الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

الفَائِدة الخَامِسَة عشرة: عِظَمُ يوم القِيامَة وأهواله الشَّديدة، لقَوْلهُ: {تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}، والقلوب هَذِهِ لَيْسَت خاصة، بل (ال) فيها للعموم، يعني كل القلوب تتقلب وكل الأبصار تتقلب، حَتَّى الأنبياء - عليهم الصَّلاة والسَّلام - يخافون ويخشون، فالرُّسل - عليهم الصَّلاة والسَّلام - يعبرون الصِّراط وَيقُولُونَ: اللهم سلم (١).

فالأهوال عنْدَما تحدث، حَتَّى لو بُشّر الْإِنْسَان، فإما أن ينسى ما بُشّر به من شدة الهول، وإما أن يخاف من أمر يصيبه قبل أن يصل إلى ما بشّر به، فعنْدَما يَقُول المَلِك مثلًا - ولله المثل الأعلى -: أنت آمن، وترى أمامك الجلد في النَّاس والأخذ والأسر لا بُدَّ أن يحصل عندك خوف، مع أن هَذَا نقوله على سبيل التقريب وإلَّا فأهوال يوم القِيامَة لا يتصوّرها الْإِنْسَان.

ولكن مع ذَلِك أهل الخَيْر يُؤَمَّنون مع خوفهم، ومعْلُوم أن الَّذينَ يُؤَمَّنون يُهوَّن عليهم هَذَا اليوم ولا شَك، ولِهَذَا قَالَ اللهُ تَعَالَى في يوم القِيامَة: {عَلَى الْكَافِرِينَ


(١) أخرجه البخاري، كتاب الرِّقاق، باب الصراط جسر جهنم، حديث رقم (٦٥٧٤)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة طرق الرؤية، حديث رقم (١٨٢)؛ عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>