ما المُراد بالسُّرعة هُنا، هل المُراد قرب وقت المجازاة فتكون السُّرعة زمنية أو المُراد إنجاز الحساب فتكون السرعة عملية أو كلاهما؟ هل المَعْنى أنَّه في محاسبته سريع أو المَعْنى حسابه للعباد قرب أوكلاهما؟
الجواب: كلاهما؛ فالحساب قريب حَتَّى وإن طالت الدُّنْيَا بالْإِنْسَان، فإنَّه قريب؛ قَالَ تَعَالَى:{قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ}[النساء: ٧٧]، وكَذلِك عنْدَما يحاسب الله الخلائق يوم القِيامَة يحاسبهم في نصف يوم (١)، كما قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ:{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا}، ثم قَالَ بعدها:{وَأَحْسَنُ مَقِيلًا}[الفرقان: ٢٤]؛ استنبط العُلَماء من ذَلِك أنهم سيقيلون في منازلهم في نصف ذَلِك اليوم.
ولكن اليوم الَّذِي أشار الله إلَيْه مقداره خمسين ألف سنة، ومهما يكن من شَيْء فالله قادرٌ على ما هو أبلغ من ذَلِك، لكن مع هَذَا، هَذِهِ سرعة عَظِيمة وقدرة بالغة حَتَّى لو كَانَت المدة خمس وعشرين ألف سنة، الخلائق من أولهم إِلَى آخِرِهِم ما بين آدمي وجنّي وطير وغيرهم يحاسبهم الله في نصف يوم، الآن لو يحاسب الْإِنْسَان شخصًا يعامله لمدة سنة كم تَكُون المدة إِذَا كَانَ الحساب دقيقًا وكثيرًا؟ يبقى مدة وقد يَكُون الحساب مضبوطًا وقد لا يَكُون مضبوطًا؛ أما حساب الله عَزَّ وَجَلَّ؛ فهو مع سرعته {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا}[الكهف: ٤٩].
* * *
(١) أخرجه أَبو داود، كتاب الملاحم، باب قيام الساعة، حديث رقم (٤٣٤٩)، وأحمد (٤/ ١٩٣) (١٧٧٦٩)؛ عن أبي ثعلبة الخشني.