للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأماكن القريبة، بل في البعيدة، يَقُول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [كَذَلِكَ الْكَافِرُ يَحْسَب أَنَّ عَمَلَه كَصَدَقَةٍ يَنْفَعهُ حَتَّى إِذَا مَاتَ وَقَدِمَ عَلَى رَبّه لَمْ يَجِد عَمَله، أَي: لَمْ يَنْفَعهُ] اهـ.

قَوْلهُ: {وَوَجَدَ اللَّهَ} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [أَي: عِنْد عَمَله؛ {فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ}، أَي جَازَاهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، {وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}، أَي: المُجَازَاة] اهـ.

هَذَا الكافر يظن أن عمله ينفعه، وتمثيل المُفَسِّر لِذَلك بالصدقة فيه نظر إلَّا إِذَا قصد بِذَلِك ضرب المثل؛ فهَذَا صحيح، فهي من جملة الأعْمَال الَّتِي يفعلها الْكُفَّار يظنون أنَّها تنفعهم وهي لا تنفعهم، ولكن يَنْبَغِي أن يُقال: هي أعم من ذَلِك لَيْسَ المُراد فقط الصَّدقة، بل حَتَّى عبادة الأصنام يظنونها تنفعهم؛ قَالَ تَعَالَى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}، ومع ذَلِك هَذَا كله لا ينفعهم ولا يجدون شيئًا مما يظنونه ويحسبونه.

وقَوْلهُ: {وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ} عند هَذَا السراب؛ لأنَّه الآن وصل إلى الموت، فإذا مات فقد لاقى الله عَزَّ وَجَلَّ، ولِهَذَا قَالَ: {فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ}؛ هَذَا ظاهر السِّيَاق، أما على رأي المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ؛ فيجعل {وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ}، أي: عند عمله، فيَكُون الضَّمِير على رأي المُفَسِّر عائد على المشبّه دون المشبه به، ويحتمل أنَّه عائد على المشبه به، وقول المُفَسِّر: أي: عند عمله؛ تفريعًا على قَوْلهُ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا}؛ لأَن {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} عام فكأنه قَالَ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا}، أي: الكافر عمله كذا وكذا، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا}، ولكن ظاهر الأئة أن الضَّمائر تعود على أقرب مذكور وهو هَذَا العطشان الَّذِي وصل إلى الماء عطشان فلم يجد شيئًا فسيهلك.

قَوْلهُ: [حِسَابَهُ}، يعني: جزاء عمله، وقوله رَحَمَهُ اللَّهُ: {وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}، أي: المجازاة.

<<  <   >  >>