للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن اعلم أيضًا أن حجب الله النُّور عن العَبْد لَيْسَ منعًا لفضله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فإنَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذو الفَضْل العَظِيم والعطاء أحب إلَيْه من المنع، والهداية أحب إلَيْه من الإضلال، لكن لأَن المرء نفسه هو الَّذِي منع عن نفسه هَذَا النُّور، واقرأ قَوْل الله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥]، واقرأ قَوْل الله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} يعني عن الحَقّ وأعرضوا عنه {فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ} [المائدة: ٤٩]، يتبَيَّن لك أن إضلال الله للعبد وحجب النُّور عنه بسبب نفسه فهو الَّذِي لم يهتدِ.

فعلى كل حال هَذِهِ الآية تدُلّ على أنَّه يَنْبَغِي بل يَجب على المرء أن يلجأ إلى الله دائمًا بأنه يسأله أن ينور قلبه؛ لأَن {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} هَذَا منطوق الآية، مفهوم الاصلة من جعل الله له نورًا فلا أحد يحجب عنه نور الله عَزَّ وَجَلَّ.

* * *

<<  <   >  >>