قَوْلهُ:{يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ} أتى بـ (مَن) الَّتِي للعاقل؛ لأَن التَّسبيح أظهر للعقلاء من غير العقلاء، وهَذَا التَّسبيح يشمل التَّسبيح بالقَوْل وبالحال، بالقَوْل مثل: سبحان الله، وبالحال أنك إِذَا تأملت خلقه وما جبلوا علَيْه علمت بِذَلِك أن الله تَعَالَى منزه عن العبث وعن النَّقائص، يسمى هَذَا التَّسبيح بالحال.
إذا قُلْنا: إن التَّسبيح بالمقال فمن المعْلُوم أن الكافر لا يسبح الله بمقاله، يعني لا يَقُول: سبحان الله لأنَّه يصف الله بالعيب ويجعل مع الله شريكًا لكنَّه مسبح لله بحاله فإن حاله وما جبل علَيْه وانصرافه عن الحقّ مع وضوحه وما أشبه ذَلِك، كل ذَلِك مما يدُلّ على تنزيه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وعلى حكمته.
وقَوْلهُ:{مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يشمل الملائكة، وتسبيح الملائكة نحنُ لم نعلمه عن طريق الرؤية ولكن عن طريق الوَحْي الَّذِي هو السمع، سَمِعْنَا من نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن الملائكة تسبح الله، وسَمِعْنَا قَوْل الله عَزَّ وَجَلَّ أن الملائكة تسبح ... إِلَى آخِرِهِ.
{وَالطَّيْرُ} معطوفة على {مَنْ} يعني وتسبح له الطير و {صَافَّاتٍ} حال من الطير، يعني هي أيضًا تسبح الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى في حال صفوفها، أي: صف أجنحتها، أي: بسطها، فإن صفوفها في الهواء بين السَّماء والأَرْض، وعدم سقوطها، واتجاهها