والاستفهام في قَوْلهُ:{أَلَمْ تَرَ} للتقرير مثل قَوْله تَعَالَى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١)} [الشرح: ١]، فهو للتقرير أيضًا، يعني قد شرحنا لك، وهَكَذا كلما دخلت أداة الاستفهام على النَّفي صَارَت للتقرير، لتقرير ذَلِك الشَّيء يَقُول الله تَعَالَى مقررًا هَذَا الْأَمْر المرئي:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا}.
الخِطَاب في قَوْلهُ:{أَلَمْ تَرَ} هل هو للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو لكل من يصح خطابه؟ الظَّاهِر أنَّه لكل من يصحّ خطابه؛ يعني:{أَلَمْ تَرَ} أيها المخاطب {أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا} ... إِلَى آخِرِهِ؛ لأَن ذَلِك أشمل.
وهَذَا أيضًا مشاهد؛ فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يؤلِّف بين هَذَا السَّحاب ويجمع بعضه إلى بعض حَتَّى يَكُون قطعة كَبيرَة، وأحيانًا لا يؤلِّف بينه، بل نفس القطعة الصَّغيرة تتوسع وتكون قطعة كَبيرَة لكن التأليف أبلغ؛ لأَن المُفَسِّر أحيانًا يَكُون من غير جنس المُفَسِّر به فدائمًا تَكُون سحابة بيضاء وحمراء وسوداء، ثم تجتمع وتكون بلون واحد، وهَذَا أبلغ، هَذَا التأليف يَقُول الله عَزَّ وَجَلَّ:{ثُمَ جعَلهُ، رُكَامًا} فيقول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [بَعْضَه فَوْق بَعْض] اهـ.