قَوْلهُ:{ركُامًا} يعني متراكمًا بعضه فوق بعض، وهَذَا أيضًا مشاهد برؤية العين، فإن السَّحاب تجد بعضه فوق بعض، وإذا كنت في الطائرة مرتفعًا فإنَّه يبدو لك ذَلِك ظاهرًا، تجد من السَّحاب ما هو تحتَك ومن السَّحاب ما هو فوقك، وإذا كنت في الأَرْض يتبَيَّن لك أن السَّحاب بعضُه على بعضٍ، وَذلِك بكون بعضه يغطي بعضًا، لكن كَيْفَ يغطي بعضه بعضًا؟ تنظر مثلًا قطعة تمر تحت قطعة أُخْرَى تتجاوزها وتتعداها، مما يدُلّ على أن بعضه فوق بعض، هَذَا الركام له منظر عجيب إِذَا كَانَ الْإِنْسَان ينظر إلَيْه من أعلى، منظر يبهج ويسر، ولِذَلك جعله الله تَعَالَى من الآيَات الدالة على كمال قدرته.
قَوْلهُ:{فَتَرَى} ترى هُنا بمَعْنى تبصر؛ لأَن المطر يُرى بالعين.
قَوْلهُ:{يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ}، أي: من خلال هَذَا السَّحاب، لكن هَذِهِ الرؤية هل الْإِنْسَان يدركها أو بعض النَّاس دون بعض؟ حَقِيقَة لا يدركها إِلَّا إِنْسَان قوي النَّظر، لكن نحنُ نعلم أن المطر ينزل من السَّحاب ويتخلله.
قَالَ بعض العُلَماء: إنه يَكُون مثل الغربال الَّذِي يغربل به القمح وما أشبه ذَلِك، ينزل هَذَا المطر من خلاله، لكن من أين يأتي المطر إِذَا كَانَ ينزل من خلاله؛ من السَّحاب نفسه ينعصر - بإذن الله - ثم يتخلل منه، قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (١٤)} [النبأ: ١٤]؛ فإنَّه - بإذن الله - ينعصر وينزل هَذَا المطر.
وعلى كل حال الأَسْبَاب الطبيعيَّة لا نعرف عنها شيئًا لكن هَذَا ما نعرفه بالرؤية الحسيَّة.