وعلى هَذَا يَكُون المَعْنى: وينزل من السَّماء من جبال من البرد، فيَكُون مفعول التنزيل محذوفًا يعني ينزل بردًا.
إِذَا كَانَ من الجبال الَّتِي من البرد فإذا نَزَّل من الجبال الَّتِي من البرد ماذا ينزل؟ ينزل بردًا، فيَكُون المفعول محذوفًا تقديره بردًا، على كل حال (يُنزّل) على رأي المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ مفعولها {مِن بَرَدٍ}، لأنَّه قَالَ: أي بعضه، على أساس أن (مِن) للتبعيض، فهي بمَعْنى بعض، وعلَيْه فيَكُون هَذَا هو مفعول يُنزّل، وأما المنزل منه فهي الجبال الَّتِي في السَّماء، لأَنَّنا قُلْنا {مِنْ جِبَالٍ} بدل {مِنَ السَّمَاءِ} فإعادة الجار، فيَكُون المُنَزَّل منه هَذِهِ الجبال والمُنَزَّل البرد.
وعلى الاحتمال بأن (مِن) زائدة يَكُون أيضًا المُنَزَّل البرد، لكن لَيْسَت (مِن) للتبعيض.
وعلى الاحتمال الثَّالث قُلْنا: إن (مِن) لبَيان الجنس، أي: جنس الجبال من البرد لكن ماذا ينزل من السَّماء؟ ينزل بردًا، فعلَيْه يَكُون المُنَزَّل الَّذِي هو المفعول محذوفًا تقديره بردًا، ودل علَيْه السِّيَاق.
على كل حال معنى الآية الْكَرِيمَةِ أن في السَّماء جبالًا من البرد يُنزل الله تَعَالَى منها، أي: من هَذِهِ الجبال، هَذَا المُنَزَّل أحيانًا يَكُون كبيرًا وأحيانًا يَكُون صغيرًا، لكن من نعمة الله أنَّه لا يَكُون كبيرًا بحيث يهدم البناء، هَذَا شَيْء نادر جدًّا إنما يَكُون كبيرًا بحيث يقتل بعض الزروع أو بعض الأشجار حسب حِكْمَة الله عَزَّ وَجلَّ، أما أن يهدم المنازل ويقتل الآدميين فهَذَا قليل وإن كَانَ قد يوجد لكنَّه قليل، وفي هَذَا دَليل على قدرة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى أن هَذِهِ السَّماء تَكُون فيها هَذِهِ الجبال من البرد، وينزل