للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من قوة هَذَا البرق يكاد سناه، يعني: لمعانه يذهب بالأبصار، وفي هَذَا إِشارَة إلى أن السَّحاب الَّتِي فيها برد يَكُون برقها أَشَدّ لمعانًا من غيره، فهَذَا البرق يكاد لقوته يذهب بالأبصار، ولا شَك أن هَذَا البرق عَظِيم جدًّا، وقد ذكروا أن فيه طاقة كَبيرَة من الكهرباء وأنَّها تساوي كذا وكذا من الكيلوات، وهَذَا الْأَمْر واقع الآن تجد مثلًا الطّائرات قد تَكُون دون هَذَا السَّحاب ومع ما فيها من الإضاءة لا تكاد تبصرها، أما البرق فإنَّه كما يُشاهد يكاد يخطف البصر ويملأ الأَرْض ضياء، مما يدُلّ على كثرة الطّاقة الكهربائية الَّتِي في هَذَا البرق مع أنَّه - بإذن الله - يحدث في لحظة كأنه انفجار كهربائي، وهَذَا هو الظَّاهِر أنَّه من باب الاحتكاك، كما ذُكر أنَّه يَكُون سالبًا وموجبًا فيتولد من بينهما هَذَا البرق، ولا مانع إن صح الحديث أن يَكُون أيضًا هَذَا من أَسْبَاب ضرب المَلَك الَّذِي يسوق السَّحاب.

فإذا صح الحديث فإنَّه لا يُنافي ما ثبت من حيث العِلْم، الَّذِي يتَّصل بهَذَا الْأَمْر من كونه اجتماع سالب وموجب فيحصل به هَذَا اللمعان، إِذْ أن اجتماع السالب والموجب قد يَكُون بأَسْبَاب ضرب الملك.

إذن هَذَا من آيات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى الدالة على كمال قدرته، فسوق هَذَا السَّحاب بين السَّماء والأَرْض وكونه جبالًا من البرد وإصابة الله تَعَالَى به من يشاء وصرفه عمَّن يشاء، كل ذَلِك من آيات الله، ولِهَذَا جعلها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى بِصيغَة الاستفهام الدال على التَّقدير.

فيَنْبَغِي لِلإنْسان أن ينظر في آيات الله الْكَوْنِيَّة ليعتبر بها، إِذْ أن الاعتبار بها يستلزم عبادة الله عَزَّ وَجلَّ.

<<  <   >  >>