للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكرِيمَةِ:

الفَائِدةُ الأُولَى: بَيان أن الآيَات الَّتِي أنزلها الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى مبينة موضحة لكل شَيْء مبينة الحَقّ من الباطل، وأهل الخَيْر من أهل الشَّرِّ، والأَحْكام الَّتِي بين النَّاس، وغير ذَلِك.

ومع كون الآيات مُبينَة هل اهتدَى بها كلُّ النَّاس؟

لا، وإنما يهتدي بها من شاء الله هدايته، قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ}، لكن لَيْسَ كل أحد يهتدي بها؛ قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

الفَائِدة الثَّانية: أنَّه لا يَنْبَغِي لِلإنْسان أن يعتمد علَى نفْسِه في الهداية، بل يسأل الله دائمًا أن يهديه ثم يثبته ما دام أن الله هو الَّذِي يهدي، فإذن لا تستقل أنت بهداية نفسك فاسأل الله دائمًا الهداية ثم الثَّبات عَلَيْها، ولا تغترّ بما معك من الإِيمَان؛ فإن إعجاب الْإِنْسَان بعمله قد يؤدي إلى حبوطه وبطلانه.

الفَائِدة الثَّالِثَة: أن الشَّرع كله - الَّذِي هو دين الإِسْلام - مستَقِيم لَيْسَ فيه اعوجاج؛ لقَوْله: {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}؛ ولهَذَا قَالَ اللهُ تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} الَّتِي تذهب يمينًا وشمالًا {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣].

لو قَالَ قَائِلٌ: إِذَا قُلْنا: إن الهداية من الله عَزَّ وَجَلَّ وأنَّها مُعلَّقة بالمشيئة يهدي من يشاء؛ فهل لهَذِهِ الهداية من سبب؟

الجواب: طلب الْإِنْسَان الحَق؛ هَذَا من أَسْبَاب الهداية، الدَّليل على ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥]، والدَّليل ما سيأتي في الآيَات الَّتِي

<<  <   >  >>