للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعُموم اللفظي: هو الَّذِي دخل في الكَلام لفظًا، ودل علَيْه الكَلام دَلالَة مطابقة، والعُموم المعنوي: هو الَّذِي دل علَيْه الكَلام بالقياس، يعني لم يدخل في اللَّفْظ لكنَّه يُقاس عليه؛ لأَن القياس عِبارَة عن اشتراك المقيس والمقيس علَيْه في العِلَّة الَّتِي من أجلها ثبت الحُكْم، فهَذَا عُمُوم معنوي.

ولِذَلك نجد في كلام العُلَماء يَقُولُونَ: هَذه المَسْأَلَة يشملها النَّص بِعُمومِه اللفظي، بمَعْنى أنَّها فرد من أفراد هَذَا العُموم، وأحيانًا يَقُولُونَ: بِعُمومِه المعنوي، بمَعْنى أنَّها تُقاس على ما دل عليه.

ثم قَالَ اللهُ تعالى: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} لما بَيَّن حال الآيَات وأنَّها آيَات مبينات، لكن هل كل أحد يَستَفِيد من هَذه الآيَات المبينات؟

الجواب: لا، قَالَ: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} يعني على الرغم من كون الآيَات مبينات واضحة مبينة، على الرغم من ذَلِك فلَيْسَ كل أحد يهتدي بها، وإنما الله تَعَالَى {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

وهَذه الآيَة كغيرها من كثير من الآيَات، مثل قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} ثم قَالَ: {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: ٢٥]؛ فعمم بالدعوة، لكن الهداية قَالَ: {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}؛ فهَذه مثلها، فالآيَات مبينات موضحة للأمور، لكن لَيْسَ كل أحد يهتدي بها، والله تَعَالَى {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

قَوْلهُ: {مَنْ يَشَاءُ} تقدَّم أيضًا الكَلام على أن كل شَيْء قيَّده الله بمشيئته فهو مقرون بالحِكْمة، والله تَعَالَى يهدي من اقتضت الحكْمَةُ هدايته.

<<  <   >  >>