للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نقول: في حياته يصلون إلَيْه شخصيًّا في المسجد أو في البَيْت أو في السوق، وبعد وفاته إلى سنَّته؛ لأَن سنته عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هي: قَوْلهُ وفعله وإقراره، فإننا نشاهده عنْدَما ندعوا إلى قَوْلهُ أو إلى فعله أو إلى إقراره.

وقول المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [المبلغ عنه] أي: عن الله، وإنما قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ هَذَا لأجل أن يبين أن حكم الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - هو حكم الله، وحتى لا يقع إِشْكال في قَوْلهُ: {لِيَحْكُمَ} مع أنهم مدعوون إلى الله ورسوله.

ثم قَالَ المُفَسِّر: [المُبَلِّغ عَنْهُ أَوْ ذُكِر الله لِتَعْظِيمِهِ]. وقَوْلهُ: [أَوْ ذُكِر الله لِتَعْظِيمِهِ] غير موجود في النُّسخ الأُخْرَى، فهَذه الحاشية إن صحت فيَكُون مراده رَحَمَهُ الله أن ذكر الله لَيْسَ مقصودًا ولكن للتعظيم، أي لتعظيم حكم الرَّسُول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ لأَن الَّذِي سيحكم هو النَّبِيّ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لكن هَذَا لا وجه له.

وقَوْلهُ: {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} (اللَّام) للتَّعليل، يعني دُعوا لهَذَا الغرض {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} الضَّمِير في قَوْلهُ: {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} هل يَعود على الله أو على الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - أو عليهما؟ لا يصِح أن يَعود عليهما، إِذْ لو كَانَ عائدًا عليهما لوجب أن يَكُون الضَّمِير بِصيغَة التثنية، أي: إِذَا دعوا إلى الله ورسوله ليحكما بينهم، لكنها تعود إلى واحد منهما، إلى الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - لأنَّه أقرب مذكور، لكن بالنِّسْبَةِ لله سُبحَانَهُ وَتَعَالى إما أن يُقدر جملة مثل هَذه الجُمْلَة يعني مثل قَوْلهُ: "إلى الله ليحكم بينهم ورسوله ليحكم بينهم"، مثل ما قُلْنا في قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التَّوبة: ٦٢]، ولم يقل: أن يُرضوهما بل قَالَ: {أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} فقالوا: إن التَّقدير: "والله أحق أن يُرضوه ورسوله أحق أن يُرضوه"، وإما أن يُقال: إن حكم الرَّسُول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هو حكم الله ويشير إلى هَذَا قَوْل المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [أي إلى رَسُول الله المبلغ عنه]؛

<<  <   >  >>