وعلى هَذَا لو قَالَ قَائِلٌ: والله لأصلِّينَّ ركعتَيْن وقصده بِذَلِك الالتزام، ماذا يَكُون هَذَا؟
الجواب: يَكُون قسمًا ونذرًا، مثل: عليَّ أن أصلي ركعتين، لكن أبلغ من ذَلِك قَوْلهُ:{وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ}[التَوبة: ٧٥]. وأما إِذَا قصد الْإِنْسَان بالقسم تحقيق الشَّيء دون التزامه؛ فإنَّه لَيْسَ بنذر، ففرق بين الْإِنْسَان الَّذِي يلتزم ويرى أن نفسه ملزمة بهَذَا الشَّيء وبين الْإِنْسَان الَّذِي يُرِيد تحقيق الشَّيء لكن بدون أن يرى نفسه ملزمة، مثلًا لو قَالَ: والله لأفعلن كذا أو لأخرجن إلى السوق أو لألبسن الثَّوْبَ وما أشبه ذَلِك ولَيْسَ قصده أن يُلزم نفسه، بل قصده أن يحقق، وأن يفعل من غير أن يَكُون ملزمًا، قصده أنْ يقولَ: أنا سأفعل، ويحقق أنَّه سيفعله، فهَذَا لَيْسَ بقسم، فالقسم إن تضمَّن إلزامًا صَارَ قسمًا ونذرًا أو نذرًا مقسمًا عليه.
قَوْلهُ:{لَا تُقْسِمُوا} لا حاجة لأَن تقسموا وتقولوا: والله لئن أمرتنا لنخرجن، وإنما إِذَا أُمِرتم فاخرجوا بدون قسم.
المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ جعل حسب سِيَاقه {طَاعَةٌ} مُبْتَدَأ و {مَعْرُوفَةٌ} صفة له، وخَبَرُها محذوف تقديره (خير من قسمكم)، ولكن هَذَا لَيْسَ بظاهر، بل الظَّاهِر أن {طَاعَةٌ} مُبْتَدَأ والخبر محذوف تقديره: (عليكم)، أي: عليكم طاعة معْرُوفة، أو {طَاعَةٌ} خبر والمبتدأ محذوف، أي: طاعتكم معْرُوفة، فمعنى ذَلِك أن الْإِنْسَان علَيْه أن يطيع طاعة معْرُوفة.
والطَّاعة المعْرُوفة من المُؤْمِنِينَ تَكُون بدون حلف؛ لأَن الَّذِي يحلف على أن